هل سيصلح جو بايدن ما أفسدته حماقات ورعونة دونالد ترامب؟ ، سؤال واستفسار خُصصت له تحليلات ومناقشات وتخمينات ، و فردت له مساحات واسعة وبرامج متخصصة على المنصات الإعلامية العالمية بين الحلم بقادم أقل سوءاً ، ومرحلة أخف وطأة دولية ،وتوقعات بنسف قرارات سابقة معتوهة ،وبين الجزم باستمرار نهج التعسف والعربدة الأميركية، مازالت دائرة التخمين والجدل تدور لحين تسلم بايدن مهامه وبانتظار قراراته وتوجهاته.
الرهان على تغيير في السياسة الأميركية وأن تبدل لبوس قاطن البيت الابيض من جمهوري الى ديمقراطي رهان خاسر ، والتعويل على أن ثمة تغييرات قادمة بعد انزياح حقبة ترامب الفجة، هو ضربٌ من وهم ، فلا الإدارة الجديدة ستنتزع صواعق التفخيخ للحروب والازمات المفتعلة على امتداد الخريطة الدولية بل ستبني على اساسها ،ولا ستلغي قرارات العته السياسي والحماقة التي اتخذها ترامب وإن ناور بايدن خداعا وراوغ دبلوماسيا وأظهر في تصريحاته عكس ما يبطنه من غايات.
كلامنا هذا ليس تشاؤماً ولا استباقاً للحكم على إدارة أميركية جديدة وافدة لم تتبين بعد سياستها آلية عملها وطرقها وأساليبها في التعامل مع الملفات الدولية وخاصة ملفات منطقتنا التي تم تسخينها على نار الأطماع الأميركية وبما يتوافق مع الميول العدوانية الصهيونية ، بل استنباطنا لذلك مرده دراية كبيرة ببواطن شر أميركا وسلوكها المنحرف عن جادة القوانين الدولية الذي لطالما خبرناه وعهدناه في كل الادارات الاميركية المتعاقبة ، فعيدان ثقاب واشنطن التي اشعلت بها نيران حروب وسعرت جبهات لن تلقيها إدارة بايدن ، إذ لا يمكن للداء التسلطي الاميركي أن يستشري ،ولجموح الهيمنة الارهابية أن يتسع ، إن تخلت اميركا عن ذخيرة تجبرها بما يرضي غرور وعنجهية عظمة خلبية تآكلت صورتها وفقدت معانيها .
لم تكن يوما اميركا على تعاقب اداراتها نصيرا للشعوب وحقوق الإنسان على اتساع الخريطة الدولية كما تدعي كذباً في تصريحات سياسييها وحكامها، بل على العكس كاتت دوما تؤجج حروبا وتشعل فتيل فتن وتسعر جبهات اقتتال لتستثمر فيها، فهذا هو جوها المناسب لاصطياد الفرص الدنيئة لجني أرباح وتحقيق مكاسب والقفز على قرارات الشرعية الدولية عبر فرض عقوبات جائرة على دول ترفض التطويع والتبعية العمياء والدوران في فلك هيمنتها ، والاستهزاء بهيبة منظمات اممية فقدت وهج مصداقيتها وباتت بلا فعالية وظيفية وفي مقدمتها مجلس الأمن.
في منطقتنا وفي ما يتعلق بملفاتها الساخنة لن تقوم الادارة الاميركية الجديدة بالتبريد ،فثمة اطماع يسيل لها لعاب الجشع الاميركي بالمجمل وثمة ادوار تخريبية مازالت موضوعة على اجندات سياستها العامة يفرضها اللوبي الصهيوني بالتالي لن يسعى بايدن لإخماد الحرائق الارهابية التي اشعل شررها من سبقوه وان سعى للمواربة في التصريحات والتمويه والتعتيم على التصرفات غير القانونية.
لم تعول الدولة السورية يوما على تصويب لانحراف طرق سياسة واشنطن وشذوذها عن سكة القانون الدولي ،ولا على لجم التعديات واحقاق الحقوق وانصاف من مجتمع دولي مكبل بقيود الطاعة الأميركية ، فرهانها الرابح كان ولايزال على ثباتها و صمود الشعب السوري وبسالة جيشها الذي حرر القسم الاكبر من الجغرافيا السورية ولا عودة لعقارب الزمن للوراء، وان ما تم انجازه سورياً من انتصارات في التحرير ودحر الإرهاب سيستكمل ولو تكالب كل محور الشر لوضع عصي التعطيل في عجلات التقدم والتعافي.
حدث وتعليق – لميس عودة