بين نار الهيمنة الأميركية واستطالات أوهام الناتو وجليد العقوبات على روسيا يختزل المشهد في البحر الأسود تفاصيله بعد أن أرادته واشنطن معقداً متشابكاً، واصطفت على ضفة أباطيلها دول الغرب الاستعماري وفتحت لأبواقها الإعلامية الفضاء التضليلي ليلقوا بكييف بكل برود واستهتار في أتون نار المقامرات العبثية لتدفع عنهم أثمان هستيريا عدائهم لموسكو و تكاليف المقامرات الحمقاء.
فقد أذاب لظى الجموح للهيمنة و توسيع رقعة التمدد العدواني ثلج المأرب من وراء تسعير الجبهات شرقي أوروبا، وظهرت النيات القبيحة من وراء الزج بحطب التصعيد الاستفزازي ليغلي مرجل صبر موسكو بضرورة وضع حد للغلو الإرهابي الأميركي الأوروبي وتشتيت محاولات تهديد أمنها الاستراتيجي.
المتابع للتصريحات الأميركية والغربية والإصرار على دفع الأوضاع إلى مناحٍ خطيرة بتكثيف إمداد كييف بأسلحة تنتحر من خلالها سياسياً وعسكرياً على تخوم أطماع واشنطن وأوهام الناتو بالتمدد، يدرك أن واشنطن وكومبارسها الأوروبي لن يجنحوا لتبريد سخونة الملف الأوكراني وضبط إيقاع خطوات تمادي ونازية كييف، بل ينفثون في جمر الأزمات ويضعون المشهد الدولي برمته على صفيح من اضطرابات عسكرية واقتصادية لن يكونوا بمنأى عن ارتداداتها.
موسكو منذ بداية تأجيج الأوضاع أدركت أهداف أميركا والناتو بجعل أوكرانيا رأس حربة مسمومة بالخاصرة الروسية، وهي بعمليتها الدفاعية عن أمنها الاستراتيجي تقطع الطرق على من أرادوا التصيد في عكر الفوضى التخريبية.
صفحات جديدة في التاريخ الدولي تكتبها روسيا اليوم بمواجهة قوى البلطجة الغربية وتعديل ميلان الميزان العالمي بإثبات أنها رقم صعب بمعادلة قوة الحقوق يعجز الغرب المارق عن تفكيك شيفرة ثباتها ومنعتها، وإن الإرهاب الاقتصادي والسياسي والعسكري من بوابة العقوبات الذي تمارسه الدول الضالعة في تسعير الأزمة، لن يثنيها عن صون حقوقها الأمنية باقتلاع مخالب الشر العدواني ورسم الخريطة العالمية من جديد بأقلام التوازن القطبي المتعدد.
حدث وتعليق- لميس عودة