اللغة العربية لم تعد تقتصر على كونها وسيلة تعبير وتفاهم، وإنما هي وعاء فكري وحضاري يتحوّل إلى جامع وطني وقومي…وحيويتّها تدعو إلى النمّو والتطوّر.
هذا النموّ الذي لم يتوقّف يوماً إلى أن وصلت إلينا العربية بهذا الشكل بعد أن ذابت فيها لغات وثقافات مثل الآكادية والبابلية والآرامية والسريانية وصولاً إلى لغة قريش واستخدام الأقوام لها وتطويرها أوصلتها إلينا هكذا، وهذا ما يؤكّده السيّد الرئيس بشار الأسد في أكثر من خطاب ولقاء وليس آخرها لقاؤه مع علماء الدين في جامع العثمان بدمشق فقال: “اللغات تتوارث ولو أنزل اليوم كتاب سماوي فسوف ينزل بهذه المصطلحات المتداولة التي عمرها قرون من الزمن” وجاء في ذلك ردّ على كلّ من لايفرّق بين اللغة والعرق، وإلى كلّ من يحاول ضرب جوهر انتماء مجتمعنا فيقول السيّد الرئيس عن انتمائنا ” هو الانتماء العربي الذي تكرّس عبر السياق التاريخي”.
لغتنا العربية بخصائصها لاتشبه أيّ لغة أخرى، وانصراف بعض جيل اليوم عن الاهتمام بها لجهلهم بتلك الخصائص ولظنّهم أنها عاجزة عن استيعاب معارف العصر الحديث متناسين أنها تتسع لأكثر من ستة ملايين كلمة بخلاف كلّ اللغات العالمية، وملايين من تلك الكلمات لم تُستخدم بَعد.
نحتفي اليوم في يوم اللغة العربية وحسبها شرفاً وقدسيّة أنها لغة القرآن الكريم بإعجازها، ويحقّ لنا أن نتفاخر بها ونستذكر أيضا كيف أن كبار العلماء من مختلف الجنسيات والقوميات كتبوا آدابهم وعلومهم بعد اكتشافهم للعربية وحقّقوا بفضلها عالمية ثقافتهم وحضارتهم.
المسؤوليات كبيرة وجسيمة في الاهتمام باللغة العربية في ظلّ التحديات العالمية الكبيرة، وهي في صدر الأولويات المستقبلية في ظلّ حضورها المتأني في كلام السيّد الرئيس، لأن اللغة صهوة المشروع القومي الذي هو العروبة في كلّ تجلياتها، في رسالتها الإسلامية، وتجسيدها لغة مرتبطة بالوطن والهوية والدين والمشروع الثقافي القومي وصولاً إلى حضارة عربية عريقة عراقة لغتها.
رؤية – هناء الدويري