يتربع في القمة بلا منازع، دوافعه سامية، وأركانه عالية، لا تمييز في أحاسيسه ومشاعره سوى اللغة الجامعة والعون المؤازر.. يصنف من أرقى الأعمال وأسماها إنه العمل الإنساني النابع من نبل النفس وضمير الحاجة.
فهو ليس مجرد عنوان وتسمية للتفاخر، بل يشكل أساس الوعي الجمعي، والحارس الأمين للقيم والأخلاق والمروءة والنخوة لدى أبناء المجتمع، هو الكابح لكل ما صدأ وشوه وجه الشعوب وقت الازمات والضرورات.
في اليوم العالمي للعمل الإنساني المصادف للتاسع عشر من شهر آب كل عام، يتصدر الشعب السوري بتعاضده وغيريته المشهد، كأيقونة وجوهرة لهذا العمل الذي ترجمه قولاً وفعلاً على أرض الواقع.. أفراد ومؤسسات، ولاسيما خلال الأشهر القليلة الماضية.
واجه أبناء المجتمع السوري بأعمارهم المختلفة وفئاتهم المتنوعة ولا يزال، مسلسل الحرائق التي تعد الأخطر حتى الآن في تاريخ سوريا على البيئة والتنوع البيئي والحيوي، إذ طال اللهيب معظم البساط الأخضر من غابات وأودية وحقول وسهول في أغلب المناطق السورية.. ما دفع الجميع من أفراد وقطاعات، ودفاع مدني للاستبسال كل على طريقته، على الرغم من المخاطر وتواضع الأدوات والمعدات والآليات المناسبة لهكذا شرور طارئة لا يحمد عقباها.
ولا يقتصر هذا العمل النبيل والاندفاعة الوطنية بالتأكيد عند إطفاء الحرائق فقط، بل سبقه وتعداه إلى صور ومشاهد مختلفة مادية ومعنوية، قام بها الشباب السوري والجمعيات والفعاليات العلمية والمهنية في مساعدة المهجرين والمشردين على سبيل المثال لا الحصر، من ديارهم ومناطقهم نتيجة ظروف الحرب، والقيام بحملات التوعية والدعم النفسي، وترميم فجوة الفقر والتعليم، ولم الشمل وفض الخلافات وتقريب وجهات النظر.
لاشك أن العمل الإنساني مزروع بالفطرة في دواخلنا، لا يحتاج الى منبه للاستيقاظ سوى ساعة الواجب وقت الضرورة، إنها الحالة الإنسانية العابرة لكل التوصيفات، ومظلتها تريح الجميع من دون استثناء.

التالي