“لا يمكن للإنسان أن يبدأ في الكتابة، من دون تراكم قدر معين من المرارة”.. ولعلي اليوم أكتب عمن يحطم أعواد أمل ونحن في مهب الريح فرادى، بعضنا يلملم شتاتنا من أصقاع المعمورة، لنعيد ترتيب بيتنا الداخليّ، ترتيب يحتاج وقتاً وصبراً، وهو ما يحرمنا منه متطفّلون قابعون خارجاً لا يريدون للركب أن يسير، ولا يريدون لنا أن نقلب الصفحة ونبدأ معاً من جديد، يضعون في كل عجلة عصاً، وفي كل بئر يرمون حجارة سمّهم، وفي كل زهرة ندية نوايا الخباثة والدناءة..
ليست صورة نمطية وحسب بل واقع معاش في حياتنا اليومية، والثقافة ليست بمنأى عن شرهم، نعم نخطئ لأننا نعمل، ونتراجع في قرارنا لأننا نملك من المرونة ما يكفي لتصحيح المسار، ونعود من جديد فنتعلم لأننا على يقين أن المرحلة تتطلب الالتزام والمتابعة والعزيمة على الوجود والبقاء.
علينا اليوم أن نسمع ونوازن القوى، بين نقد وإقصاء، نحاول جاهدين أن نصل إلى كماليّة الإنسان فينا قولاً أولاً، “في البدء كان الكلمة”، وعليه وجب أن نكتب بدايات مشرقة، تفتح أبواب العقول وتعزز مشهدية الانفتاح الفكري لننطلق منه، من دون جلد الذات ومن دون أن يمارس ضعفاء النفوس علينا شكوكهم وعقد نقصهم.
فأجمل ما في الحياة أن تكون متهماً في كتابتك فتثبت إدانتك، الإدانة الوحيدة أن تحافظ على حبرك صادقاً وإن كان مشاغباً لا يروقه الروتين، ولا يُملى عليه ما يكتب، بل يتتبع نبض البسطاء في الشارع والحالمين في بنات أفكارهم الشغبة التعبة.