عندما نسير في شوارع دمشق القديمة، تشعرالأرصفة بالحكايات، وتتنفس الجدران عبق الزمن، كلّ زاوية وكلّ حجر يروي قصة، ولكن اليوم، كان وجه المدينة أكثر إشراقاً، إذ كنا في طريقنا إلى خان أسعد باشا، حيث يقيم منتدى خيزران، ذلك الفضاء الذي حمل من إدلب إرادة الفن والأمل.
بوابة الخان العريضة استقبلتنا على مصراعيها، لترحب بنا في عالم ينمو بصمت، لكنّه لا ينكسر، هناك.. كان الخيزران يتجسد في اللوحات، في النصوص، في كلّ لون وحركة، قوة رقيقة، ومرونة صامتة، ترمز إلى روح مختلفة للفنانين الذين حملوا ألم هجرتهم وحنينهم إلى وطنهم على أكتاف الإبداع.
مهرجان “بوابة الشمس” لم يكن مجرد عرض، بل كان رحلة عبر الألم والأمل، ستون لوحة تناغمت فيها الألوان والرموز، كلّ لوحة تحكي جزءاً من ذاكرة الإنسان السوري، كلّ لون يحمل صرخة صامتة، وكلّ خط يرسم مسار النجاة، وعلى الجانب الآخر، جلس القاصون ينثرون كلماتهم ينقلون عبر نصوصهم مأساة يومية، رحلة بشرية تتلمس الدروب المجهولة، وتبحث عن حياة جديدة..
عمار الأمير، الكاتب والقاص، يقود المنتدى بروح من يزرع الخيزران، بصبر، بمرونة، وبثقة في النمو، حتى ولو كان صامتاً، المنتدى لم يكتف بعرض الفن، بل خلق مساحة حية للتلاقي الثقافي، تجمع الأدباء والفنانين الشباب، وتمنحهم فرصة التعبير عن جراحهم المشتركة وتجاربهم الفردية، ليس فقط في دمشق، بل في شمال غربي سوريا أيضاً.
في هذا الخان، يتحول اللون إلى شهادة، والكلمة إلى صدى الذاكرة، يصبح الخيزران أكثر من مجرد رمز، بل تجربة متكاملة، تضيء العتمة، وتكشف عن قدرة الثقافة السورية على التجدد، والاتصال بالعالم.