في الوقت الذي ترتفع فيه حدة التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في منطقة الخليج العربي منذرة بمواجهات مسلحة محتملة، فإن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أخطرت الكيان الصهيوني بالتفاوض مع الجانب الإيراني استعداداً للعودة إلى مفاوضات جديدة بشأن الاتفاق النووي، وذلك وفق ما أعلن نير ديفوري المراسل الأمني لقناة ١٢ الصهيونية، وهذا الإخطار يتقاطع مع تقديرات صهيونية سابقة ترجح احتمال عودة إدارة بايدن للبحث في الملف النووي الإيراني مع احتمال أن يكون الطرفان بدأا حواراً غير مباشر استباقاً وتمهيداً للحظة الإعلان عن العودة الرسمية للمفاوضات، فما الاحتمالات المستقبلية؟ وهل سيرضخ بنيامين نتنياهو لهذا الواقع المحتمل؟.
وهل تبقى احتمالات الحرب والمواجهة قائمة بين الطرفين؟ وما موقف أطراف النزاع العربية التي ناصرت الموقف الأميركي المعادي لإيران، خلال فترة رئاسة دونالد ترامب؟.
ثمة مراجعات كثيرة لا بد من إجرائها من جانب جميع الأطراف مع عودة الديموقراطيين إلى تقلد زمام المبادرة في الإدارة الأميركية ووصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، خاصة وأن معظم فريق بايدن الحكومي يتشكل من مجموعة مستشارين عملوا في إدارة سلفه الديموقراطي باراك أوباما، الأمر الذي يعني العودة لتلك الآليات التي دأبت لإخراج الاتفاق النووي مع إيران إلى حيز الإعلان والتصديق من جانب الأمم المتحدة بعد أكثر من اثني عشر عاماً من المفاوضات الماراثونية الصعبة، وهي اليوم قد تصطدم بعقبات مستجدة في ظل التجربة الأميركية في الانسحاب من الاتفاق وفي ظل الحديث عن إدخال موضوع الصواريخ الدقيقة التي تصنعها وتقوم على تطويرها إيران بصورة متسارعة، وهو ما سترفضه إيران بشكل مطلق.
هنا تبدو المخاوف الصهيونية في أعلى مستوياتها بعد فشل نتنياهو في دفع إدارة ترامب لتوجه ضربة عسكرية قوية ضد إيران على مدى السنوات الأربع الماضية وجر منطقة الخليج العربي لحرب مفتوحة.
وتشير تقديرات داخل كيان العدوان إلى أن إدارة بايدن والحكومة الصهيونية ستدخلان في صدام إثر الخلافات الكبيرة بينهما في الموضوع الإيراني، فبايدن أعلن خلال حملته الانتخابية أنه سيدخل إلى مفاوضات مع إيران والعودة إلى الاتفاق النووي في حال عادت إيران إلى تطبيقه بشكل كامل، فيما يعتبر نتنياهو خطوة كهذه تعد خطأً فادحاً.
ويقول مستشارون لنتنياهو إنهم “قلقون” من أن طاقم مستشاري بايدن في سياسة الخارجية والأمن مؤلف من “مستشاري الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما”، وأن قسماً منهم هم مهندسو الاتفاق النووي.
وقال نتنياهو خلال استقباله وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، مطلع الشهر الجاري، إن العودة إلى الاتفاق النووي من العام 2015 سيؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، “وهذا كابوس وغباء ويحظر أن يحدث”.
ويتوقع الخبراء الصهاينة ارتفاع حدة الخلافات الشخصية بين كل من بايدن ونتنياهو وفق المواقف الشخصية التي طبعت علاقة باراك أوباما بالإرهابي بنيامين نتنياهو خلال معظم فترتي رئاسة أوباما، وبالتالي فإن نتنياهو سيسعى لاستخدام ضغط اللوبي الصهيوني وخاصة منظمة أيباك مع ما لذلك من منعكسات على الداخل الأميركي.
وعلى الهامش في منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية عامة سوف تنزاح الصورة ويتغير المشهد إلى حد ما، فالقوة المتصاعدة لإيران تترافق مع دعوات للتعاون المشترك عبر الحوار الإيجابي والارتكاز إلى تبادل المصالح الأمر الذي قد يسهم في تخفيف حدة التوتر، فيما التمدد الصهيوني في أكثر من دولة يمثل صاعق الانفجار الذي يتخوف منه المراقبون.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد