“إسرائيل” تعرقل العودة للاتفاق النووي

الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي

خرج وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر بفكرة جديدة مفادها أن العودة إلى “روح” الاتفاق النووي الإيراني 2015 سيفضي إلى انتشار السلاح في منطقة الشرق الأوسط ، وفي هذا السياق لابد من تذكيره أن “إسرائيل” وليست إيران من دفع المنطقة برمتها إلى شفا كارثة نووية ، مسترشدة بتوجهات واضحة وبدعم غربي في عملية التسليح ، وقد قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بأن “إسرائيل” تعد النظام الوحيد في الشرق الأوسط الذي يملك برنامج تسليح نووي سري غير معلن يشمل ترسانة نووية ، ودعاها للاعتراف بتلك الحقيقة ، والتخلي عن الأسلحة الفتاكة التي تهدد شعوب المنطقة .
لا ريب أن امتلاك الأسلحة النووية يمنح ” إسرائيل” إحساساً بالتفوق العسكري في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بأسره ، ما يتيح لها تنفيذ أعمال إرهابية ضد دول عربية وإيران أيضاً ، وتكفي الإشارة إلى الاغتيالات الوقحة لعلماء إيرانيين وقادة عسكريين جرى التخطيط لها وتنفيذها بتعاون أميركي-إسرائيلي في انتهاك لجميع القوانين والأعراف الدولية .
مازالت “إسرائيل” والولايات المتحدة تمارسان أنشطتهما الإرهابية القذرة دون الأخذ بالحسبان مصالح دول أخرى ، وقد بات العالم بأسره على اطلاع بضربات “إسرائيل” الجوية على أهداف في دير الزور والبوكمال شرق سورية ، فكانت تلك الأحدث ضمن سلسلة طويلة من الهجمات الإسرائيلية على سورية ، ومع ذلك تحدث مسؤول استخباراتي أميركي رفيع المستوى في معرض تعليقه على الضربات الجوية قائلاً : “إن نجاح الغارات كان نتيجة معلومات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل” ، مشيراً ، علناً ، إلى مستوى التعاون بين وكالات “الدفاع ” الأمريكية والإسرائيلية بشأن سورية .
يشكل الهجوم الأخير جزءاً من سلسلة ضربات خطيرة ضد أهداف في سورية ، ويعد الرابع على مدى الأسابيع الثلاثة الأخيرة ، فضلاً عن تقارير تتعلق بهجوم على مركز الأبحاث السوري الذي سبق وأن تعرض للقصف عامي 2018 و2019 .
في مثل هذه البيئة المعقدة نرى أن مسألة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ، أمر يتعذر نجاحه من دون حسن نية من جميع الدول في المنطقة ، وبحسب خبراء فإن إحدى العقبات الرئيسية (أمام إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط) تتمثل في موقف “إسرائيل” التي ترفض التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، متذرعة بتهديدات إيران ودول شرق أوسطية أخرى .
تزعم ” إسرائيل” أن قلقاً ينتابها من دول المنطقة ، وفي حال لم تكن تمتلك أسلحة نووية ، فإن وجودها سيكون مهدداً ، علماً أن لديها دعماً أميركياً غير مشروط في هذه القضية ، وبمعنى آخر ، ستبذل هاتان الدولتان قصارى جهودهما لضمان سيطرتها بأسلحتها النووية على المجال العسكري في المنطقة .
ومن الأمثلة على ذلك ما قامت به “إسرائيل” من تدمير لمفاعل نووي عراقي “أوزيراك” عام 1981 بغارات جوية ، ومزاعمها بتدمير “مفاعل نووي” سوري بمحافظة دير الزور السورية عام 2007 .
لذلك فإن الموقف العدواني لإسرائيل ، الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة دوما – وفي كثير من الأحيان على حساب مصالحها الوطنية – يجعل دولاً أخرى في المنطقة ، مثل إيران ، غير راغبة في التخلي عن مشروعها النووي والدفاع عن حريتها واستقلالها وقدرتها على متابعة مسارها الوطني .
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرئيس دونالد ترامب أصدر عشية انتهاء ولايته قراراً بضم “إسرائيل” للقيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط ، وفي هذا السياق قال مسؤولون أمريكيون للصحيفة إن توسيع نطاق القيادة المركزية الأمريكية ليشمل “إسرائيل” يعد أحدث عملية إعادة تنظيم بدأها مؤيدو “إسرائيل” لتعزيز التعاون الاستراتيجي ضد إيران .
ويشكل ذلك الإجراء الخطوة الأحدث في سلسلة التغييرات السياسية التي أجرتها إدارة ترامب قبل تولي جو بايدن زمام السلطة ، وتشمل تلك التغييرات أيضاً زيادة العقوبات على إيران ، وإعلان جماعة أنصار الله في اليمن منظمة إرهابية ، وفي هذا السياق قال قائد سابق في القيادة المركزية الأميركية أن هناك سبباً وجيهاً لضم “إسرائيل” إلى قيادتها العسكرية ، وبذلك تصبح الجهة رقم 21 في هذا المجال ، إلى جانب قطر والبحرين والإمارات والسعودية والكويت وعمان والأردن ومصر .
بيد أننا نرى بأن إدارة جو بايدن الجديدة ستتخذ موقفاً مؤيداً “لإسرائيل” بشدة ، فهناك شائعات بأن فريق بايدن سيجري مشاورات معها قبل صياغة أي استراتيجية بشأن الصفقة النووية الإيرانية ، وكشفت القناة 12 الإسرائيلية عن حقيقة بدء الإدارة الجديدة محادثات غير رسمية مع إيران ، ستتطلع عليها “إسرائيل” ، وأكد المصدر أن الرئيس الجديد يسعى لاتفاق يمنع الجمهورية الإسلامية من إنتاج أسلحة نووية ، لكن السؤال هو ما إذا كانت ستوافق على طلب إيران بالعودة إلى اتفاقية 2015 التي تتضمن رفع معظم القيود على تخصيب اليورانيوم بحلول عام 2030.

ورغم أن “إسرائيل” لن تشارك رسمياً في المحادثات مع إيران ، فإنها ستحدد الأجندة المستقبلية ومسار المحادثات ، وعلى هذا الأساس ستركز المفاوضات كلياً على الموقف الإيراني ، ولن يصار إلى التطرق لامتلاك “إسرائيل” للسلاح النووي الذي يؤثر على مستقبل الشرق الأوسط ، وهذا يعني أنه من غير المرجح أن يعود السلام والطمأنينة إلى المنطقة نتيجة سياسات الغرب العدوانية والأنانية ، وسوف يمر زمن طويل قبل انحسار الاضطرابات التي تعيشها المنطقة .
المصدر :
New Eastern Outlook

آخر الأخبار
النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو