“أتركة” التاريخ الجريمة الأقدم ” الحرب الأخرى”

الثورة أون لاين – د. مازن سليم خضور:

“التتريك” سياسة قديمة انتهجت منذ أن تولى الاتحاديون الحكم في الدولة العثمانية وهي سياسة اتبعتها “جمعية الاتحاد والترقي” بهدف فرض اللغة والثقافة التركية في البلاد العربية التي تحتلها ، وتعمل على تعيين العنصر التركي فقط في المناصب والقيادات الهامة بالإضافة لإغلاق جميع الأندية والجمعيات وكل ماله علاقة وصلة لما هو مخالف للثقافة التركية، وفرضوا مركزية التعليم والرقابة المشددة على المدارس وفرض استخدام اللغة التركية بها فضلًا عن إجراء مماثل بحق المحاكم لمتقاضين من مختلف الإثنيات هذا من جهة ومن جهة أخرى عملوا على تأسيس الجمعيات والأحزاب التركية ” الطورانية ” ترافق مع الندوات والحوارات التي تدعو إلى الترويج لهذا الفكر بالتزامن مع إرسال البعثات إلى الأقطار العربية التي كانت تحت الاحتلال العثماني و تتريك أسماء المحلات في هذه البلدان وهذا ما فعلته في اللواء السليب لواء اسكندرون وعمدت إلى تغيير معالمه حتى اسمه عمدت إلى تبديله فأصبح “إقليم هاتاي ” وللأسف فإن بعض العرب وحتى السوريين لايعلمون أن هذه التسمية هي بديل لمصطلح لواء اسكندرون والتي عمدت تركيا على سلخه وسلبه من وطنه الأم وحاربت الجماعات التي تعارض توجهها وسعت جاهدة إلى القضاء حتى على اللغة العربية في هذا اللواء.
هذا في الماضي القريب إلا أن هذه السياسة لازالت قائمة حيث تعمل حكومة العدالة والتنمية إلى نهج نفس المنهج وهذا ما نشهده من تصرفات وقرارات في الشمال السوري التي تحتله تركيا في الوقت الحالي وانتشار التنظيمات الإرهابية التي توالي الاحتلال التركي لاسيما ميليشيا ” درع الفرات” من خلال سرقة الثروات والتاريخ والحضارة السورية وهذا ما أشرنا إليه في مقال سابق نشر في الثورة أون لاين بتاريخ 18/11/2020 بعنوان “سرقة موصوفة – الحرب الأخرى” والتي جاء فيها أن النظام التركي عمد ” إلى سرقة مقدرات وثروات الشعب السوري سواء من حيث الثروات الباطنية كالنفط والغاز أو من حيث سرقة المعامل كما فعل في حلب أو من حيث سرقة المياه وحرمان ملايين المواطنين منها.
لم يقف “النظام التركي” عند سرقة المعامل والنفط السوري بل أقدم على سرقة الزيتون والقمح السوري لاسيما من منطقة عفرين بعد عدوان ما سمي “عملية غصن الزيتون” حيث لم تتوقف الأطماع التركية في سورية، ووصل الأمر إلى سرقة أجود أنواع القمح السوري حيث قامت السلطات التركية بالتعاون مع الهلال الأحمر القطري بسرقة 17 صنفاً من أصناف القمح السوري وزراعتها ضمن مشروع خاص بهذه الأقماح، في المناطق المحاذية للحدود السورية لتشابه خواص أراضيها الزراعية مع الأراضي السورية.
ممارسات كثيرة مارسها نظام أردوغان في سورية في محاولة منه لإعادة تجربة اللواء السليب ومنها ما أعلن عن تصديق مجلس التعليم العالي في نظام أردوعان عن توسيع فروع جامعة غازي عنتاب لتشمل المناطق التي تحتلها قواته شمال سورية عبر افتتاح ثلاثة أقسام دراسية جديدة فيها والأقسام الجديدة تشمل تعليم الرياضيات والعلوم واللغة التركية والعلوم الاجتماعية والسياسية والإدارة العامة.
بالإضافة إلى إطلاق أسماء الضباط الأتراك الذين قتلوا أثناء العدوان التركي على الأراضي السورية على المدارس السورية فاستبدل اسم بلدة (قسطل مقداد) ليصبح (سلجوقى أوباصي) وأطلق اسم (أتاتورك) على الساحة الرئيسة في عفرين بعد أن هجرت أهلها وفرضت اللغة التركية مادة أساسية في مناهج التدريس وفق ما نشرته وسائل إعلام التنظيمات الإرهابية المتواجدة في الشمال السوري والتي تخضع للاحتلال التركي .
كذلك أرسل النظام التركي كميات كبيرة من القطع النقدية الصغيرة من العملة التركية إلى المناطق التي يحتلها، بهدف تسهيل التعامل بالليرة التركية في الأسواق، وبالتالي الاستغناء عن التعامل بالليرة السورية بشكل نهائي. حتى إن أفران الخبز في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي باتت تبيع منتجاتها بالليرة التركية بدلا من الليرة السورية.
في الأيام الأولى من عملية ” نبع السلام” التي شنها النظام التركي على مناطق الشمال السوري وبعد عمليات القتل والتهجير المشابهة لعمليات وعصابات الهاغانا وغيرها في فلسطين المحتلة عمدت تركيا على رفع علمها ، فوق بعض الأبنية الحكومية ودخلت منظمات إغاثية تركية مثل (AFAD) و(IHH) والهلال الأحمر التركي ودخلت المؤسسات التركية إلى داخل الأراضي السورية كمؤسسة الحبوب التركية TMO واشترت محصول القمح الذي تتقاسم سرقته مع تنظيم داعش الإرهابي وميليشيا قسد، وأنشأت العديد من النقاط العسكرية في أكثر من منطقة محتلة .

أخر هذه الجرائم القرار الذي أصدرته تركيا والذي يقضي بافتتاح كلية طب ومعهد عال للعلوم الصحية، في بلدة الراعي) بريف محافظة حلب، شمالي سورية وحمل القرار توقيع الرئيس رجب طيب أردوغان، ونُشر في الجريدة الرسمية،وبالتالي سيتم افتتاح كلية طب ومعهد عال للعلوم الصحية في بلدة الراعي ، و سيتبعان لجامعة العلوم الصحية التركية بإسطنبول.
سورية نوهت سابقاً إلى خطورة هذه الأفعال سابقا عبر وزير الخارجية الراحل وليد المعلم الذي أكد أن النظام التركي يمارس التتريك والتهجير القسري في الأراضي التي يحتلها في سورية فيما أشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة ونائب وزير الخارجية د. بشار الجعفري إلى الدعم التركي للإرهاب وتجنيده للمرتزقة والإتجار بهم في أسواق الحروب الدولية، كذلك نشهد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال التتريك والقتل والتهجير والتغيير الديمغرافي والنهب وسرقة وحرق المحاصيل والحرمان من مياه الشرب التي يرتكبها النظام التركي وأدواته بحق سورية والسوريين.
مصدر مسؤول بوزارة الخارجية والمغتربين السورية أشار إلى رفض سورية جملة وتفصيلا قرار النظام التركي بافتتاح كلية ومعهد يتبعان لـ جامعة اسطنبول في بلدة الراعي شمال حلب باعتبار ذلك يشكل عملاً خطيراً وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
السياسة التي تتبعها الدولة التركية هي سياسة ممنهجة لمحاربة كل ما هو غير تركي والسياسة التي تحدث عنها نظام أردوغان عند تسلمه السلطة وعندما بدأ المشروع التركي في المنطقة عن صفر مشاكل لم تكن سوى سياسة لصنع الأزمات الحروب مع الجيران من جهة والديكتاتورية والقمع للداخل المعارض من جهة وتفتيت مؤسسات الدولة وإضعافها واتباع سياسة الهروب إلى الأمام، وافتعال المشاكل لاسيما مع دول الجوار.
وبالعودة إلى طرق المواجهة يجب تدعيم الهوية الثقافية والوطنية والأهم الحفاظ على التراث الثقافي المادي واللا مادي وإثرائه بالربط بين الموروث الثقافي والإبداعات المعاصرة، بالإضافة إلى العمل على كشف جرائم نظام أردوغان والسعي إلى ملاحقته وفق القوانين الدولية لمنع مخطط أردوغان إلى إعادة تجربة اللواء السليب والعمل على محاربة التنظيمات الإرهابية بكل مسمياتها وأشكالها لاسيما التي تتبع للاحتلال التركي والأميركي واستعادة إدلب أولا والشمال ثانيا لتبقى الراية الوحيدة المرتفعة فيها …راية الجمهورية العربية السورية.

آخر الأخبار
Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية  الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة.. جولة أفق للأولويات والخطط المستقبلية تشليك: الرئيس الشرع سيزور تركيا في الـ11 الجاري ويشارك في منتدى أنطاليا بعد قرارات ترامب.. الجنيه المصري يتراجع إلى أدنى مستوياته الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.. وخبير لـ" الثورة": الكلام غير دقيق The Hill: إدارة ترامب منقسمة حول الوجود العسكري الروسي في سوريا