الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
لا يوجد في قواميس السياسة أو اللغة ما يناسب تصريح وزارة الحرب الأميركية “البنتاغون” الأخير حول مزاعم إنهاء “مسؤوليتها” عن حماية المنشآت النفطية السورية إذ تبدو اللغة عاجزة عن توصيف اللص الذي يدعي الشرف، فمنذ وطأت أقدام القوات الأميركية المحتلة الأراضي السورية بذريعة محاربة تنظيم داعش الإرهابي الذي صنعته وجاءت به لم تتوقف لحظة واحدة عن سرقة الموارد النفطية السورية في منطقة الجزيرة السورية.
ففي كل يوم تطالعنا أخبار قوافل المسروقات المنقولة من سورية برعاية قوات الاحتلال باتجاه العراق في مشهد يجسد أحط أنواع اللصوصية، ولاسيما أن الشعب السوري بكامله اليوم يعاني من أزمة خانقة في تأمين المشتقات النفطية بسبب الحصار والعقوبات الأميركية المدرجة تحت “قانون” قيصر، فكيف يكون السارق اللص حامياً أصلاً، لعلها إحدى أحجيات السياسة الأميركية القائمة على النفاق والمراوغة والكذب، والتي يبدو أنها لا تتبدل مع تبدل وتعاقب الإدارات في البيت الأبيض.
لقد عبّر الرئيس الأميركي السابق “سيىء الذكر والصيت” دونالد ترامب أكثر من مرة عن أطماعه بالنفط السوري، وطالب بكل وضوح بحصته من هذا النفط لقاء ما زعم وادعى أنها جهود أميركية لمكافحة الإرهاب، والحقيقة الواضحة للعيان في هذا المجال هي أن حقول النفط السورية انتقلت من تحت هيمنة لص وكيل هو تنظيم داعش الإرهابي الذي سبق له أن سرقها وباعها بثمن بخس للص آخر تابع هو نظام أردوغان، إلى تحت هيمنة لص أصيل هو “اللص الأميركي” الذي ما زال يسرقها جهاراً نهاراً متحدياً كل الأعراف والقوانين الدولية ذات الصلة، إذ لا يحق لقوة احتلال أن تتصرف بأملاك وثروات أي شعب تحت الاحتلال، ولا يختلف اثنان بأن أبشع درجات اللصوصية هي أن تقوم دولة عظمى تدعي حماية حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب بنفس ممارسات تنظيم داعش الإرهابي، إذ تقوم بنهب وسرقة مقدرات وثروات الشعب السوري وهو أحوج ما يكون إليها لتجاوز ظروفه الاقتصادية والمعيشية الصعبة الناجمة عن حرب العشر سنوات والحصار الأميركي الدنيء.
ولعل السؤال الذي يخطر على البال، من هو اللص الجديد الذي ستنتقل إليه مسؤولية “الحماية” المزعومة لحقول النفط السورية ” ثم سرقتها من جديد” طالما لم تنسحب القوات الأميركية المحتلة من الجزيرة السورية متذرعة بأن وظيفتها اليوم تقتصر على محاربة تنظيم داعش، فالمنطق والقانون الدولي يقول إن هذه الحقول والمنشآت هي ملك للشعب السوري ويجب أن تنتقل إدارتها وملكيتها للدولة السورية الممثلة الشرعية الوحيدة له، لا أن تترك مشاعاً لمليشيات انفصالية مأجورة تابعة هي “مليشيات قسد” التي تمارس نفس ممارسات تنظيم داعش وبرعاية أميركية..!
ليست المرة الأولى التي تكذب فيها واشنطن وتقول عكس ما تفعل ولن تكون الأخيرة، فقد سبق لها أن عدّلت سبب وجودها غير الشرعي في الشمال السورية مرات عديدة، وتراجعت عن وعودها بالانسحاب من سورية أكثر من مرة، ولذلك لا يمكن الوثوق بسياسة قائمة على التضليل والمراوغة والكذب، فالاحتلال الأميركي للجزيرة السورية بحد ذاته هو سرقة موصوفة لا تحتاج إلى دليل، أما دعمه لمليشيات انفصالية لا تعترف بسورية كوطن لجميع السوريين فهو تدخل سافر، فيما العودة لمعزوفة الحرب على داعش مجدداً فهي عذر أقبح من ذنب، إذ لا أحد يصدق هذا الادعاء ولاسيما أن التنظيم الإرهابي عاد إلى نشاطه من المناطق التي يتواجد فيها الأميركيون، أي إن التنظيم مازال حتى اليوم يشكل ورقة وأداة بيد واشنطن لتبرير الكثير من الادعاءات الكاذبة.
وفي كل الأحوال، لا يعول السوريون على من يحاربهم ويدعم الإرهاب ضدهم ويحرك الفوضى في بلادهم ويحاصرهم بلقمة عيشهم، كي ينصفهم ويعيد لهم حقوقهم المسلوبة، فهم يعرفون جيدا كيف يحررون أرضهم المحتلة ويستعيدون منشآتهم وحقولهم النفطية المسروقة ويطردون المحتل الغاشم ويفشلون مشاريعه وأطماعه، وليس ذلك ببعيد!
