الثورة أون لاين – سامر البوظة:
صعود الصين بهذه القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، لا يزال يربك أصحاب القرار الأميركي، ويثير مخاوفهم من إمكانية تمكن هذا البلد من إزاحة الولايات المتحدة عن موقعها العالمي كقطب أوحد، الأمر الذي يدفع واشنطن لتكريس نزعتها العدائية تجاه بكين، ووضعها كعدو استراتيجي إلى جانب موسكو، بسبب تمسك هذين البلدين بمبادئ القانون الدولي، خلافاً للسياسة الأميركية الساعية لتكريس الهيمنة على العالم، ومواصلة نهب ثروات ومقدرات الشعوب.
وبعدما وصلت حالة التوتر في العلاقات بين أميركا والصين إلى ذروتها بعهد إدارة ترامب السابقة، يبدو أن الإدارة الجديدة بقيادة جو بايدين تسير بذات النهج العدائي تجاه بكين، وهذا ما يبدو واضحاً من خلال سياسة التصعيد التي تمارسها هذه الإدارة منذ أيامها الأولى من استلام سدة الحكم، وهذا ما عكسته المكالمة الهاتفية التي جرت اليوم بين بايدن ونظيره الصيني “تشي جين بينغ”، والتي تمادى خلالها الرئيس الأميركي بسياسة التدخل السافر في الشؤون الداخلية للصين، ليرد عليه الرئيس الصيني بوجوب التعامل بحذر مع القضايا المتعلقة بتايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ باعتبارها شوون داخلية للصين، وحذره من أن الصدام بين البلدين سيؤدي إلى كارثة للعالم بأسره.
الرئيس الصيني الذي أعلن أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة تمر بمرحلة حرجة، دعا بايدن إلى التعاون بين البلدين بدلاً من حالة الصدام، وقال: “بالرغم من اختلاف وجهات النظر حول بعض القضايا إلا أنه يجب حل الخلافات على أساس الاحترام المتبادل”.
وقضى بايدن، الذي تعامل مع الزعيم الصيني عندما شغل منصب نائب الرئيس باراك أوباما، أسابيعه الثلاثة الأولى في البيت الأبيض لإجراء عدة مكالمات مع قادة آخرين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وحاول إرسال رسالة مفادها أنه سيتخذ نهجاً مختلفاً جذرياً تجاه الصين عن الرئيس السابق ترامب، الذي وضع القضايا التجارية والاقتصادية فوق كل شيء في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، وفقاً لأسوشيتد برس.
وقد عبر بايدن أمس الأربعاء عن رغبته في تبني ما سماها استراتيجية عسكرية جديدة “حازمة” ضد الصين، مؤكداً في الوقت نفسه أن استخدام القوة يجب أن يكون “آخر أداة” للحل، وأعلن تشكيل فريق عمل داخل وزارة الحرب “البنتاغون” لتطوير استراتيجية تجاه الصين التي تعتبرها الولايات المتحدة خصمها الاستراتيجي الأول، وهذا ما يدل على نزعة العداء الأميركية المستحكمة تجاه الصين.
ووجهت الحكومة الأميركية الجديدة تحذيرات عدة إلى بكين تحت مزاعم توسعها في بحر الصين، – أي ضمنها حدودها الداخلية-، وقال وزير الحرب الأميركي الجديد لويد أوستن إن الصين تشكل “المشكلة الأصعب ، والأكثر تعقيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لأن واشنطن تريد “ردع” بكين عسكرياً ولكنها تريد التعاون مع الصين اقتصادياً.