الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
لن أتحدَّث في هذه المقالة عن مكانة المرأة السورية عبر التاريخ، ولا عن أهميّة الدّور المنوط بها في تكوين وتنشئة الأسرة، ولا عن مكانتها في الدساتير منذ إقرارها حتى اليوم، ولا عن موقعها وأهميته في دستور الحزب، ولا عن الصورة المشوَّشة التي علقت بأذهان البعض عبر مسلسلات درامية متتالية، وخاصة مسلسلات البيئة الشامية التي أساءت بشكلٍ أو بآخر إلى دور المرأة في مختلف المراحل، وشوَّهت عن قصدٍ أو بدونِ قصد، صورة المرأة السورية المشرقة، ودورها الإيجابي إلى جانب الرجل، في عملية التنمية والبناء.
سأتحدث اليوم عن المرأة السورية الإنسانة، التي تفيض عذوبة ومشاعر طيّبة، تنثر في الأفناء عبق محبتها، تسامحاً ومودَّة.. خيراً وتراحماً.
سأتحدث عن الأم التي كانت وستبقى، ينبوعاً متدفقاً بالحنان والرأفة والطيبة، الامّ التي تحيكُ من كلماتها، بُردة للخير وشلالات لا تنتهي من الحب الصادق، الأم التي ربّت أبناءها على التضحية والبذل، وتقديم الروح والدم، فداء للأم الكبرى سورية الوطن والإنسان.
سأتحدث عن أم الشهيد الصابرة، المؤمنة، وهي تشارك في حمل جثمان ولدها إلى مثواه الأخير.. تطلق الزغاريد، وتنثر الأرز والرياحين فوق جثمانه الطاهر، تمضي بثقةٍ في دروب المجد والخلود، الأم العظيمة التي قدّمت الشهيد تلو الشهيد، وهي تقول بصوتٍ قوي، وبثقة مطلقة، وبكلِّ فخرٍ واعتزازٍ، أن أولادها مشاريع شهادة فداء للوطن وعزّته.
سأتحدث عن المرأة العاملة، معلمة، مهندسة، طبيبة، مقاتلة، ممرضة، إعلاميّة و… وهي تغزل من إصرارها على العطاء، قصائد حب للآلة التي لا تهدأ، ولعيون التلاميذ وهي ترنو للمستقبل القادم بكل فرح ومحبة.
سأتحدث عن المرأة الفلاحة، وهي تعانق بكفَّيها أرضاً عشقتها منذ نعومة أظفارها، وتعفَّرت بطهر التراب، المرأة التي نثرت من عمرها شالاً مزنَّراً بالحبق، يضمُّ في جنباته السهول الخيّرة، الممتدة حتى حدود الحلم.
سأتحدث عن المرأة المقاتلة، في جيشنا الباسل وقوى الأمن الداخلي، أخت الرجال وقد حملت البندقية دفاعاً عن الوطن، وساهمت في دحر الإرهاب والفكر التكفيري الوهابي الظلامي، فكانت بكل الفخر والاعتزاز، على قدر المسؤولية التي أضافت إلى صورتها، الكثير من صورها الرائعة.
سأتحدث عن المرأة السورية، أمَّاً وأختاً، وابنةً وزوجة، امرأة يليق بها التألق والبهاء، امرأة تًعطي بلا حدود، بلا منّة، تُعطي حيث للعطاء أبجدية، وللتضحية عنوان، توزّع من عينيها الأمل، وترسم على شفاه المتعبين البسمة.
نعم. إنّها المرأة السورية، رفيقة الدروب البهيّة، وأيقونة الحياة التي لا تتبدَّل، إنها ببساطة.. الحكاية التي لا تنتهي.
التاريخ: الثلاثاء16-2-2021
رقم العدد :1033