ثقافة المواطنة .. كيف يرتقي المسرح بمفاهيمها؟..

 

الملحق الثقافي:آنا عزيز الخضر :

للمسرح حضوره ومفرداته وتأثيره دون الوسائل الثقافية الأخرى، وذلك بحكم علاقته المباشرة مع المتلقي، وهو ما جعله من أكثر الفنون تصدّياً للقضايا الصعبة، فقد حمل على عاتقه كل قضية ارتبطت بالأهداف الأكثر سمواً في الحياة، بدءاً بالقضايا الوطنية، وانتهاءً بالاجتماعية والإنسانية والثقافية.
إذاً، المسرح يساهم في الارتقاء بثقافة المواطنة، تلك التي ترسِّخ لمفاهيمٍ وسلوكيات، تحمل أميز المفاهيم السامية، بل والناظمة لأكثر الأفعال والأفكار التي توجِّه علاقتنا بوطننا، إلى شكلها الأمثل والأفضل.
موضوعٌ، بحثناه مع مسرحيين لهم تجارب غنية في عالم المسرح، مسرحيون أمثال، الممثل «محمد خير الكيلاني» الذي قال عن هذا الموضوع:
«الوطن للجميع، انبثاقاً من مقولة «الدين لله والوطن للجميع»، وبما أنه للجميع، فحقيقة ذلك تتبلور في أن ما يمكن فعله، أن يكون متساوياً في كلِّ مناحي الحياة، الثقافية والفنية والاجتماعية والرياضية، وإذا سقنا المقولة على الثقافة والمسرح، فإن واجب الثقافة أن تُعمَّم على المواطنين، من خلال زيادة الوعي لديهم، وطرح كلّ مقولات المعايشة بين أبناء الوطن الواحد، فيجب أن تكثر الطروحات الثقافية الواعية، بعيداً عن التنظير، ليقتنع المواطن بما يقال له، وليكون صادراً عن قناعة، لإقناع جمهور الوطن، ولتعزيز الثقة به.
ويمكن أن نرتقي أكثر بثقافة المواطن، فنكون صادقين معه، بما يتم نقله إليه، من تجاربٍ إيجابيه أو سلبية، ولنتكلم عن المسرح الذي وقفت على خشبته من خمسين سنة، عندما كنت طالباً، فهذه السنين أكدت لي أن ما يجب طرحه من أفكار عن طريق النص المسرحي، يجب أن يلامس روح المواطن قبل فكره، ليتفاعل مع ما يُطرح عليه، لا أن نقدم له أعمالاً تدغدغ أحاسيسه، وتنفِّس عن كبته، فالارتقاء به ودمجه مع مجتمع واعٍ، يكون أحد لبناته عندها نقول له، بأن الوطن للجميع».
أما الكاتب «سامر أنور الشمالي»، فكان رأيه:
«المسرح مميز لأنه يجمع بين عناصر الفنون والآداب في عمل واحد، إضافة إلى أنه الفن الذي يعُرض بشكل مباشر على المتلقي، لهذا يكون المشاهد على تواصل حيٍّ مع المرسل، ولكن شاشات التلفزيون والجوال أخذت جمهور المسرح، وبقيت المسرحيات حبيسة الكتب، مع العلم أن قرَّاء المسرح قلَّة بين قرَّاء الأدب، وهم غير كثر على أي حال!.
بالتأكيد أنا مع الرأي القائل، أن المسرح يرتقي بجمهوره، وينشر الوعي الذي نحتاجه في هذه المرحلة الحرجة، ولكن أين هذا الجمهور المتفاعل؟!.
للأسف، هو جمهور غير موجود، فلقد حدثت شبه قطيعة تحت تأثير حرب مدمرة، وأزمة اقتصادية خانقة، ولولا بعض المهرجانات الثقافية، لم يعد للمسرح أي حضورٍ في المشهد الثقافي المحلي، لهذا بات دور المسرح محدوداً، ويؤسفني القول: على الهامش.
وهنا سؤال يطرح نفسه: ماذا يستطيع المسرح أن يقدم على أرض الواقع؟.
في حقيقة الأمر، لا يستطيع أن يقدِّم سوى رؤية واضحة عما يجري بالفعل وسط ضجيج الزيف الإعلامي الذي يغيِّب العقل، ولكن علينا الإقرار بضرورات الواقع، وعدم الانجرار وراء نظرياتٍ بعيدة عن يوميات المواطن العادي، مع العلم أن تأثير الآداب والفنون، يتراجع حضوره في الأزمات كما يحدث في بلدنا منذ سنوات، ولكن تلك الأزمات قد تكون أرضاً ثريّة للإنجازات الأدبية والفنية في مرحلة تالية، ويمكنها أن تساهم بشكلٍ كبير في ترسيخ ثقافة المواطنة، حيث تكرِّس لمفاهيم من شأنها أن تؤسِّس لمنظومة من الأفكار والقيم، وأن تؤكِّد على مسؤولية الفرد تجاه وطنه ومجتمعه، ليساهم مع غيره من المواطنين، في حالة تنهض بالمجتمع وتنجز دورها المأمول.
المطلوب أيضاً من الفرد، أن يشارك بمهامه لرفد حالةٍ عامة تلعب دورها الوطني الفاعل لإنجاز مسؤوليته، ليساهم في معادلة إيجابية، لن تتحقق مالم يكن هناك توزان حقيقي بين طرفيه، الوطن والمواطن، وعليه تقع مسؤوليات وواجبات يجب أن يؤمن بها ويترجمها، ويأتي دور المسرح هنا، لأننا على الدوام ننتظر منه ما هو إيجابي.
أما على صعيد التجربة الشخصية، فقد صدر لي مؤخراً مجموعة من المسرحيات القصيرة تحت عنوان «يوميات مواطن سابق»، وفيها أقدّم بعض ما يجري في وطني وفي العالم، وتبقى تلك المسرحيات مجرد وجهة نظر لكن، إلى أيِّ مواطنٍ وصلت هذه الرؤية يا ترى؟!!.

التاريخ: الثلاثاء16-2-2021

رقم العدد :1033

 

آخر الأخبار
اللجنة العليا للانتخابات: إغلاق باب الترشح وإعلان الأسماء الأولية قريباً الرئيس الشرع يستقبل الأدميرال تشارلز برادلي كوبر قائد القيادة المركزية الأمريكية دخول 31 شاحنة مساعدات إنسانية أردنية قطرية عبر مركز نصيب ترحيل القمامة والركام من شوارع طفس "التربية والتعليم": قبول شرطي للعائدين من الخارج وزيرة الشؤون الاجتماعية: مذكرة التفاهم مع الحبتور تستهدف ذوي الإعاقة وإصابات الحرب مهرجان «صنع في سوريا» في الزبداني… منصة لدعم المنتج المحلي وتخفيف الأعباء المعيشية خطوات صغيرة وأثر كبير.. أطفال المزة  ينشرون ثقافة النظافة محافظ حماة يفتتح "المضافة العربية" لتعزيز التواصل مع شيوخ القبائل   " التعاون الخليجي" يجدد إدانته للعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية  البرلمان الأوروبي يدين  منع "إسرائيل " المساعدات عن غزة ويدعو لفتح المعابر  تفاقم أزمة المواصلات في ريف القرداحة  منحة نفطية سعودية لسوريا… خطوة لتعزيز الاقتصاد والعلاقات الثنائية  انطلاقة جديدة لاتحاد المبارزة  نتائج جيدة لطاولتنا عربياً  اتحاد الطائرة يستكمل منافسات الدوري التصنيفي الذكاء الاصطناعي يصدم ريال مدريد وبرشلونة مفاجأة ألكاراز.. تسريحة شعر خارجة عن المألوف الريال يواصل الغياب عن حفل (الكرة الذهبية) "عبد المولى" ينهي مهمته كمنسق أممي في سوريا حاملاً الأمل والتقدير للسوريين