جادت السماء بعطائها وعَمَّت الثلوج ربوع بلادنا الجميلة، فانتعشت القلوب واستبشرت أملاً فهي “إن ثلجت فرجت”، بحسب موروثنا الشعبي الذي نتناقله عبر الأجيال..
إلا أن هذا لم يمنع بعض ضعاف النفوس من تحويل هذا الأمل بفرج قريب إلى استثمار، واستغلاله لصالح إرضاء جشعهم الذي لا ينتهي، فقاموا برفع أسعار عدد من المواد وخاصة الخضار والفواكه التي زادت بنسب فاقت 30% عن آخر سعر وصلت إليه خلال اليومين الماضيين، بحجة انقطاع الطرق بالثلوج وعدم القدرة على نقل الخضار والفواكه من مصادر إنتاجها إلى دمشق وغيرها من المحافظات، وبهذا يكون عطاء السماء قد تحول إلى فرصة غنية لهؤلاء الطفيليين الذين لا نماء لهم إلا باستغلال الظروف الراهنة..
وبهذا هم يؤكدون من جديد أن ارتفاع الأسعار إلى مستويات جنونية كما يحدث الآن، يعود بنسبة كبيرة إلى استغلال واحتكار البعض واستثمار أيّ فرصة أو ظرف ضاغط على البلاد والتحميل عليه لنهب المواطنين والتضييق عليهم في معيشتهم دون أي رادع أخلاقي..
وهنا يعود بنا الحديث إلى دور غرف التجارة والقائمين عليها ولجان أسواق الهال وغيرها من المؤسسات، التي لطالما أرهقت بمطالبها المؤسسات الحكومية مرة بالمطالبة بالإعفاء من رسوم هنا، أو تخفيف إجراءات إدارية هناك، وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال لذكره، هؤلاء أليس لهم دور فيما يجري، أم أنهم وفقط اعتمدوا على سعة صدر الجهات الحكومية التي لم تتجاهل مرة مطلباً لهم أو مقترحاً أو رؤيةً أو غير ذلك..
ألم يحن الوقت ليكون لهؤلاء دور في لجم الغلاء في أسواقنا المحلية، فلا يكفي أن يخرج البعض منهم بمبادرة هنا وثانية هناك مما لا يغني ولا يسمن، فمثل هذه الخطوات لا تأثير لها على حركة الأسواق ومستويات الأسعار..
الصورة اليوم باتت أوضح من أي كلام، فلم يعد خافياً على أحد أن أي من نظريات (العرض والطلب) أو (سعر الصرف)، ما هي إلا حجج باهتة لم تعد تنطلي على أحد، وأن حجم الاحتكار والاستغلال الذي طال أسواقنا المحلية هو السبب الأساس في كل ما يطرأ على الأسعار من ارتفاعات، وهي التي ساهمت في تشويه النمط المعيشي لشريحة واسعة من المواطنين وأدت إلى نتائج سيئة على المستويات الاجتماعية والأخلاقية والصحية وكذلك التعليمية.. كل ذلك يحدث.. فمتى ننتبه..؟؟.
حديث الناس- محمود ديبو