الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد :
في خطابٍ له عام 1980، استعاد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قصة صدمة النفط والأزمة التي عانتها أمريكا أثناء حرب تشرين في عام 1973 بين العرب وإسرائيل ، ووصف بعبارات خطيرة مخاوف بلاده من عدم الوصول إلى نفط الشرق الأوسط ، وقال “أي محاولة من قبل أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج العربي ستعتبر بمثابة هجوم على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية ، وسيتم صد مثل هذا الهجوم بأي وسيلة متاحة لدينا مهما كانت ، بما في ذلك القوة العسكرية” .
أصبح هذا التعهد معروفًا باسم مبدأ كارتر ، وظل سمة مميزة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، ومنذ ذلك الحين اعتمدت الولايات المتحدة بشدة على واردات النفط لتزويد اقتصادها بالطاقة ، وجاء 29 في المائة من هذا النفط من الخليج العربي ، ومن أجل البقاء والسيطرة على المنطقة قامت بالتحريض ودس الدسائس وزعزعة الاستقرار وخوض الحرب بالوكالة مع إيران ، وقامت بصنع سلسلة من الصراعات الساخنة والباردة في المنطقة – في العراق ولبنان وسورية واليمن – وخلقت مستويات كارثية من المعاناة الإنسانية .
إن مبدأ كارتر قد عفا عليه الزمن ، لأنه يستمر في تشكيل نهج الولايات المتحدة تجاه الخليج ، وهو رمز لفشل السياسة الأمريكية ومصالحها في المنطقة منذ الثمانينيات ، ويجب على الرئيس جو بايدن الاعتراف بالوقائع الجديدة وإعادة ضبط علاقات الولايات المتحدة مع دول المنطقة بما يبقيها بعيدة عن التشابكات الخارجية غير الضرورية ، وتعطي الأولوية للسلام والاستقرار الإقليميين ، حان الوقت للاعتراف بوجود خلل مركزي في نهج الولايات المتحدة الحالي تجاه الشرق الأوسط ، ويجب عليها أن تقوم بإزالة قواعدها العسكرية في المنطقة ومنع بيع الأسلحة الأمريكية التي يتم استخدام الكثير منها بشكل غير مسؤول ، وهذا انتهاك للقانون الدولي ، وتقوم هذه القواعد ببيع طائرة بدون طيار من طراز Reaper للجماعات المسلحة في المنطقة ( كداعش وأخواتها ) مؤخراً ، واليوم يبدو أن الأمور تتجه لحوار أمني إقليمي يشمل جميع الأطراف يحل محل سباق التسلح والحروب بالوكالة .
هل هذا ضرب من الخيال ؟. بدأت البراعم الخضراء لهذا الحوار تظهر منذ سنوات ، ويمكن للقيادة الأمريكية الحالية ، أن تبدأ في إنشاء هيكل للانفراج ، إن إدارة بايدن في وضع أفضل لاختبار استعداد المنطقة لهذا النوع من خفض التصعيد في اليمن وسورية ومع إيران ، حيث تنهي إدارة بايدن دعم الولايات المتحدة للعمليات الهجومية ، وتعين مبعوثاً خاصاً جديداً لدعم عملية السلام التابعة للأمم المتحدة .
بالمقابل هناك أصوات ترتفع داخل الأروقة السياسية في أمريكا وتجادل أنه إذا دفعت إدارة بايدن المنطقة إلى الاستقرار وسحب القوات منها فسوف يبتعد قادة الخليج عن الولايات المتحدة ويتحولون باتجاه الصين أو روسيا ، هذه الحجة مضللة ، وهي حجة يلعبها المستفيدون من الوجود الأمريكي في المنطقة وعلى رأسهم الإسرائيليون الذين يحتمون بهذا الوجود .
ومع استمرار انخفاض الاستخدام العالمي للنفط ، ستتنافس موسكو حتماً مع دول الخليج على المشترين ، على الرغم من أن الصين ستواصل البحث عن فرص اقتصادية في المنطقة ، إلا أنها لن تكون راغبة في لعب دور أمني حقيقي في أي وقت ، لا الآن ولا في المستقبل القريب ولن تأتي البحرية الصينية للمساعدة والوقوف مع أي قوة ضد قوة أخرى في المنطقة كما تفعل أمريكا ، وبشكل عام إن هذه السياسة الخارجية للولايات المتحدة عفا عليها الزمن .
بقلم : كريس مورفي
FOREIGN AFFAIRS