الثورة – نور جوخدار:
تتجه الأنظار اليوم إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك حيث يعقد “مؤتمر حل الدولتين” برئاسة باريس والرياض، وينتظر أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتراف بلاده رسمياً بدولة فلسطين، بعدما انضمّت أمس كندا وأستراليا وبريطانيا والبرتغال إلى قائمة الدول المعترفة لترتفع إلى نحو 150 دولة، في خطوة وصفتها السلطة الفلسطينية بـ”اليوم التاريخي”.
وفي مقابلة مع شبكة “سي بي إس” الأميركية ربط الرئيس ماكرون فتح سفارة بلاده في فلسطين بإطلاق سراح الرهائن لدى حماس، مؤكّداً أن الفلسطينيين “شعب يريد دولة، يريد أمة”، ومتهماً حكومة نتنياهو بالسعي إلى “تدمير حل الدولتين”.
صحيفة لوموند الفرنسية أيدت بشدة مبادرة الرئيس ماكرون واعتبرتها متسقة مع مبادئ فرنسا منذ خطة تقسيم فلسطين 1947، مؤكدة أن الاعتراف بدولة فلسطين يعني الاعتراف بوجود شعب فلسطيني، وبمبدأ رفض الاحتلال الإسرائيلي للضفة وغزة، ورأت أن الاعتراف بدولة فلسطين يعني أيضاً قبولاً نهائياً من قِبل الفلسطينيين أنفسهم بالدولة العبرية وضماناً لأمنها.
وشدّدت الصحيفة على أنّ إسرائيل لا تكتفي فقط بتكرار موقف رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الرافض لقيام دولة فلسطينية، بل تبذل قصارى جهدها لمنع ذلك، واعتبرت أنّ السياسة الإسرائيلية باتت أوضح من أي وقت مضى؛ فهي تستهدف تدمير غزة، وتهجير أكبر عدد ممكن من سكانها، بالتوازي مع تكثيف الضغوط لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وحصرهم فيما يشبه “البانتوستانات” على غرار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، عبر إجراءات عسكرية واقتصادية وإنسانية تجعل رحيلهم أمراً شبه حتمي.
وأشارت إلى أن المبادرة الفرنسية ترافقها دعوة صريحة لنزع السلاح وإبعاد نهائي لحركة حماس عن الحكم، مؤكدةً أن الاعتراف بدولة فلسطين وحده لن يحقق السلام، لكن التخلي عن هذه الخطوة يعني عملياً التعجيل بتدمير حل الدولتين، والدخول في دوامة حرب لا نهاية لها.
وكان موقع بوليتيكو الأميركي نقل مؤخراً عن مسؤولين أوروبيين أن إسرائيل تبلور خيارات للرد على اعتراف فرنسا ودول أخرى بدولة فلسطين، قد تشمل تسريع ضم الضفة الغربية، أو إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس المحتلة، و”التعدي على أراض فرنسية في إسرائيل مثل مزار إليونا المسيحي”.
المبادرة السعودية – الفرنسية الأخيرة أعادت إحياء المسار السياسي، ودعمته الأمم المتحدة، ومع وعود بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وبلجيكا ومالطا بالاعتراف بفلسطين خلال الجمعية العامة، ستحظى فلسطين قريباً بدعم أربعة من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (الصين وروسيا اعترفتا منذ 1988)، ما يضع واشنطن الحليف الأقوى لإسرائيل في موقف الأقلية.
والولايات المتحدة تقول منذ سنوات إنها ستعترف بدولة فلسطينية “في نهاية المطاف” بعد مفاوضات مباشرة حول “حل الدولتين”، لكنها لم تفعل، وكذلك لم تُعقد مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ 2014.