الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
تعمل الدول الغربية ونظمها “الليبرالية” الحديثة وعلى رأسهم أميركا على نشر الأفكار الهدامة داخل المجتمعات لتفكيكها، وهذا حال ما يؤول إليه المشهد اليوم في منطقتنا خصوصاً من خلال الأفكار الهدامة المصدّرة إلينا والتي أسست لإبعاد المجتمع عن القيم الأخلاقية والانتماء العقائدي، وبالتالي تسويق الانحلال الأخلاقي بشكل كامل وفصل الإنسان عن أي قيم أو مبادئ أو عقائد.
ففي أوقات الأزمات يتعرض النظام القيمي للاهتزاز حيث إن الكثير من الدول الغربية تصمم برامج ذات مضمون مختلف عن عادات وقيم الشعوب، تقوم على تحويل المرجعية الجماعية إلى مرجعية الفرد، وبالتالي تنشر القيم والمبادئ بالطرق التي ترغب بها وتتفق مع سياستها، وهي تصنع لنفسها أتباعاً منخرطين تماماً في المشروع التخريبي الذي تقوده تلك الدول في المنطقة العربية بشكل خاص، وتسهل قيادته بالاتجاه المطلوب.
واليوم مع تغليب فكرة الفردي على الجماعي تبدأ المجتمعات بالانحلال والتوجه أكثر نحو الفوضى الأخلاقية والابتعاد عن الروابط الاجتماعية المعمول بها والمتعارف عليها، ومن ثم الارتماء في أحضان الفكر الغربي المنتمي لتلك العقلية والمتبني لمبادئها وأسسها لا سيما في طرحه أفكار الاستعمار الجديد للمجتمعات، وإدخالها ضمن بوتقته، وكل ذلك لصالح مخططاته التخريبية وأهدافه ومشاريعه الاستعمارية.
وعلى الرغم من اختلاف الأفكار والأساليب المتبعة إلا أن الهدف واحد وبالتالي النتيجة تقوم على المشروع التدميري ذاته، وهو ما يحتاج اليوم إلى إيجاد الحلول المناسبة لمواجهته والوقوف في وجه امتداده الخطير والتغلغل العشوائي وخاصة ضمن فئات الشباب.
فالاهتمام بالولاء والانتماء العقائدي هو الأساس الذي يجب أن يبنى عليه المجتمع داخلياً للتصدي لتلك الهجمة الغربية على قيمنا الأخلاقية، ومن الضروري البحث في كيفية تثبيت تلك المفاهيم وإعادة طرحها بصيغة أكثر عمقاً تتناسب والتحديات الراهنة.
فوجود دراسة استراتيجية وتربوية توضح بشكل دقيق الرؤية المجتمعية لتلك القضايا من خلال البحث المتزن والمنسجم مع الثوابت الأخلاقية والدينية هي من الأسس التي يجب البناء عليها. فمن هذه المفاهيم، هي الانتماء والولاء التي أضحت إحدى الضرورات الملحة في عالمنا المعاصر لما لها من دلالات وانعكاسات كبيرة على المجتمع وتطوره، إضافة لإبقائه ضمن صيغته الأخلاقية المتزنة.
أيضاً التربية التي تظهر أهميتها الوطنية من خلال كونها تسعى لإعداد الإنسان للعيش في وطنه وتكيفه تكيفاً سليماً مع قوانينه، كما تعزز في الأفراد حالة الوفاء والانتماء للوطن، وكذلك تعمل على تنظيم العلاقات المتنوعة في الدولة وتحول دون تصادمها، خلافاً لما يريده الغرب الاستعماري لمجتمعاتنا.
وأخيراً وليس آخراً دور الإعلام في تغطية كل البرامج التي تفيد في هذا المجال، وتصويب البوصلة نحو سكة الحلول، والعمل على إعداد وإظهار الأهداف التي من شأنها تثبيت مفهوم الانتماء والولاء للوطن وبيان حقيقته العملية من خلال إسقاطاته على الدين.
إذاً فتعريف الانتماء، يقوم على حالة من شعور الإنسان والشخص برغبة الانضمام إلى مجموعة أشخاص، ومفهوم الانتماء إلى الوطن يعني تلك الحالة والشعور بالانضمام للوطن، وتكوين علاقة إيجابية وقوية معه، والوصول إلى أعلى درجات الإخلاص له.
ويوجد عدة أشكال للانتماء للوطن منها المشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية التي تخدم المجتمع، إضافة للالتزام بالقوانين والقواعد السلوكية، والانضباط في العمل، واختيار أسلوب الحوار الواعي في حل المشاكل والنزاعات التي تقع بين الأفراد والجماعات، واحترام عادات وتقاليد وأعراف المجتمع.