الثورة أون لاين – د. ذوالفقار علي عبود:
في ستينيات القرن العشرين، خططت الولايات المتحدة مع “إسرائيل” لحفر قناة إسرائيلية بديلة لقناة السويس باستخدام أكثر من 500 قنبلة نووية، وذلك بهدف تنصيب “إسرائيل” كمتحكمة بتوريدات النفط من الشرق الأوسط باتجاه أوروبا والولايات المتحدة، وضمان أمن النفط فيما عرف لاحقاً في السبعينيات باسم مبدأ كارتر.
ولذلك من غير المستبعد أن تكون حادثة إغلاق الناقلة العملاقة التابعة لشركة إيفر غرين اليابانية عملاً مدبراً لا يمكن فصله عن المخططات الأميركيّة في منطقة الشرق الأوسط، فما يجري وما سيجري لاحقاً ليس معزولاً عن السياسات الغربية للتحكم بالاقتصاد العالمي ولا سيما أن قناة السويس هي شريان حيوي يصل آسيا بأوروبا اقتصادياً.
ما يعزز هذا الاتجاه في التفكير، هو قيام البنك الفيدرالي الأميركي في الآونة الأخيرة بطباعة تريليونات من أوراق الدولار دون رصيد، واحتمال حدوث هزة عنيفة تهدد الاقتصاد الأميركي جراء سياسات الإغلاق نتيجة جائحة كوفيد، ولذلك تسعى الولايات المتحدة لزيادة الطلب على عملتها أملاً في إنعاش اقتصادها المهدد.
فالاقتصاد الأميركي يشهد زيادة في معدل التضخم، وإغلاق قناة السويس سوف يعوق تدفق توريدات النفط وسلاسل الإمداد من دول شرق آسيا ولا سيما من الصين والهند وغرب آسيا وتحديداً إيران، ولذلك ما يجري في قناة السويس أدى إلى وقف تدفق النفط وتأخر تسليم العقود وهذا ما سيكون له تداعيات تتمثل بزيادة الطلب على النفط الأميركي وبالتالي ارتفاع أسعاره، ولاحقاً زيادة الطلب على الدولار نظراً لارتباط الطلب على النفط بالطلب على الدولار (البترودولار).
من جهة أخرى يبدو أن من أهداف إغلاق القناة خنق الاقتصاد السوري بإجراءات جديدة من خلال منع توريدات النفط بعد عدم نجاعة سياسة العقوبات في منع توريدات النفط.
إن تزامن حادثة تصادم القطارين في سوهاج ومقتل عشرات المواطنين من مصريين وعرب، والتصريحات المتصاعدة من جانب إثيوبيا فيما يتعلق ببناء سد النهضة وتهديد الأمن المائي المصري، قد يكون للتعمية وحرف الأنظار عن حادثة القناة، وقد نشهد عودة لنشاط التنظيمات الإرهابية في منطقة سيناء لإشغال الرأي العام عن قضية إغلاق القناة.
ولا ينفصل عن هذا السيناريو اتهام إيران باستهداف سفينة إسرائيلية بصاروخ باليستي والذي قد يكون مقدمة لافتعال أزمة لإغلاق مضيق هرمز أيضاً تمهيداً لرفع أسعار النفط وتحديداً الأميركي والذي يبلغ إنتاجه اليومي حوالي 7.5 ملايين برميل.
كذلك من تداعيات الإغلاق تضرر الاقتصاد الصيني والهندي والروسي ولا سيما بعد إعلان الصين وروسيا ضرورة التخلي عن الدولار في التعاملات الدولية، وكذلك اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران الذي لا يقيم وزناً للعقوبات الأميركيّة على إيران.
كل ذلك يقودنا للحديث عن جزيرتي تيران وصنافير في مضيق تيران بين خليج العقبة والبحر الأحمر، اللتين انتقلتا من الإدارة المصرية في عام 2017 إلى السيادة السعودية بعد تصديق الرئيس السيسي على اتفاقية الحدود البحرية بين البلدين لتصبح تبعيتهما للنظام السعودي، الذي ينوي تأجيرهما ل “إسرائيل” تمهيداً لإنشاء القناة البديلة التي ستعرف باسم قناة بن غوريون.
كذلك لا يمكن فصل الحادثة عن حادثة تفجير مرفأ بيروت بهدف إخراجه من الخدمة لمصلحة مرفأ حيفا المحتلة، والذي من المخطط أن يصبح بوابة الاقتصاد الخليجي باتجاه أوروبا بعد استكمال اتفاقيات التطبيع بين دول الخليج و”إسرائيل” .