الثورة أون لاين- مازن أبوشملة:
لم يعد منتخبنا الكروي الأول حالة جدلية تتأرجح بين رهط من الأشخاص غالبيتهم أو كلهم، ينتمون إلى اتحاد اللعبة، وبين شارع كروي تمثل الجماهير العريضة العاشقة إلى حد الجنون سواده الأعظم، وبعض النخب من المعنيين والمهتمين والمتابعين والإعلاميين الرتوش الأخيرة للإجماع.
المنتخب حالة وطنية وليس ملكية خاصة لاتحاد كرة القدم، ولاحتى للاعبين أنفسهم على الرغم من كونهم يمثلون أنديتهم المنبثقة بالأساس من عموم الجغرافية السورية، ولاسبيل لمن يحاول تقزيم المسألة واختزالها في عثرات أو مجرد خسارات في النتائج الرقمية، في مباريات ودية هدفها الوقوف على الجاهزية واختبارات اللياقة والسرعة، واكتشاف قدرات اللاعبين ومدى تجاوبهم مع تكتيكات الكادر الفني، وتطبيق خطط وتصورات المدرب؟!
هذا كله ماعاد ينطلي على أحد، وباتت الأمور أكثر من واضحة وجلية في آن معا، فالمدرب الذي جاء به اتحاد كرة القدم بعقد غير معلن، ويخفي بين ثناياه مايخفي، غير قادر على إدخال أي تطور على صعيد الأداء الجماعي، فضلاً عن عجزه عن إحداث أي فارق، فيما يتعلق بمردود كل لاعب على حدة، ولا نبالغ بالقول: إنه يسحب من رصيد المنتخب ويدعه فريسة لاختلال الثقة بالنفس، واعتلال الروح المعنوية التي طالما كانت سلاح منتخبنا الأكثر نجاعة، في جميع مبارياته، الرسمية منها والودية.
اتحاد كرة القدم ومعه المدرب التزما الصمت المطبق، بعد الخسارة القاسية أمام البحرين، في المباراة الودية الثالثة لمنتخبنا بإمرة الأول وقيادة الثاني، واعتقدنا أن ردة الفعل ستكون بعد مباراة إيران والتي خسرها بالثلاثة؟! وفعلاً كانت ردة فعل متوقعة.. مزيد من الصمت.
بصراحة، لم يكن الصمت مستغرباً، فقد انتظرنا خمسة أشهر تقريبا لنسمع رأي المدرب وتقييمه لمنتخبنا، في معسكر الإمارات الذي خاض فيه مباراتين، الأولى فاز فيها على أوزبكستان بالنتيجة فقط، والثانية خسرها أداء ونتيجة أمام الأردن؟!
سمعنا كلاماً عن ضعف بنية لاعبينا وقصور عامل اللياقة لديهم، وانخفاض الحرفية في أدائهم، وعن الظروف التي فرضتها كورونا، وتواضع مستوى مسابقة الدوري المحلي، وصعوبة إجراء تغيير جذري، في فترة زمنية وجيزة، والحاجة إلى وقت طويل لتصحيح المسار وتغيير العقلية والشخصية؟!
لاندري إن كان من حسن أو سوء الطالع، أن يختار المدرب اللعب مع البحرين وإيران ودياً، ضمن أيام الفيفا، استعداداً لتتمة التصفيات المزدوجة؟! ولاندري حقيقة إن كان هذا خيار المدرب، أم المتاح فقط، وقد اعتبر البعض أن وراء الخيار جرأة وشجاعة من المدرب، نابعة من ثقة بالنفس وبما أدخله من تحسينات وتطورات على المنتخب؟! طبعا ساء الفأل وخاب الظن، فالمدرب بقي بعيداً عن المنتخب، ولم تفلح كل دعوات الحضور ومتابعة اللاعبين عن كثب، من خلال مباريات الدوري، بحجج واهية وذرائع غير مقنعة!
قبل أربع سنوات تقريباً، وتحديداً عندما بلغ منتخبنا الملحق الآسيوي المؤهل لنهائيات كأس العالم التي أقيمت في روسيا، وخرج أمام الكنغر الأسترالي، طغت بهجة التأهل للملحق على حسرة عدم الوصول للمونديال، وقد تم تكريم ذلك المنتخب بأرفع مستويات التكريم ، والاحتفال به رسمياً وشعبياً، والإشادة بمستواه وتألقه محلياً وعربياً ودولياً، وكان مصدر فخر للرياضة السورية كلها، وليس لكرة القدم فحسب، وقلنا وقتها لدينا منتخب كروي ترفع له القبعات ويهابه عمالقة القارة الصفراء، وقال المحللون والفنيون والمعنيون وقتها، إن المنتخب بوضعه الراهن بات أعلى مستوى من كادره الفني المحلي، وهو بحاجة لمدرب أجنبي على سوية عالية لاستثمار قدرات لاعبيه وتطويرها أكثر وأكثر؟! فماذا حصل ؟!
ربما كان هذا الكلام نوعاً من جلد الذات، لكن يحق لنا أن نتساءل!! هل مدرب منتخبنا الحالي ليس لديه شيء ليقدمه أو يضيفه أو يفعله لكرتنا؟ أم إن منتخبنا بعناصره وقيادته غير قادرين على استيعاب وفهم وهضم أفكار المدرب ورؤاه القصيرةوالبعيدة المدى؟وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة واحدة، وكذلك ردة الفعل الطبيعية..
وأخيرا، هل مازال المدرب الخيار الاستراتيجي لاتحاد كرة القدم