استمرار الحرب في أفغانستان.. والذريعة محاربة الإرهاب

الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:

في مفارقة الحرب الأميركية على أفغانستان والمستمرة منذ نحو عشرين عاماً -وهي بالمناسبة أطول الحروب الأميركية على الإطلاق – مازال الأميركيون متخوفين وقلقين بشدة من سحب قواتهم من هذه البلاد التي دمرتها حربهم الانتقامية، والسبب الذي يسوقونه من أجل الإبقاء على احتلالهم لأفغانستان أن حركة طالبان قادرة في غضون فترة قصيرة من الانسحاب الأميركي والأطلسي على السيطرة على البلاد والإطاحة بالحكومة الحالية، وهو اعتراف ضمني ويكاد يكون صريحاً بأن الولايات المتحدة فشلت كما العادة في حربها المعلنة “تقليص وإنهاء نفوذ طالبان والقاعدة” رغم الكلفة البشرية والمادية الهائلة التي أنفقتها، وهذا يعني أن أسلوب الحروب الأميركية لا يحقق أهداف السياسة الأميركية “المعلنة” إلا لجهة قتل الشعوب وتدمير الدول وإشاعة الفوضى والإرهاب والتأزم في أربع جهات الأرض لإنعاش الاقتصاد الأميركي المبني على تجارة الموت والسلاح ونشر الحروب.
تقول إحدى الإحصائيات المتعلقة بهذه الحرب والتي تعود إلى شباط من العام الماضي بأن الولايات المتحدة قد تكبدت أكثر من ألفين وثلاثمائة قتيل وأكثر من عشرين ألف جريح في هذه الحرب، وهي بالطبع إحصائيات غير دقيقة ويشوبها الكثير من التضليل، لأن هدفها تقليل أعداد الضحايا تحسبا لردود أفعال في الداخل على حرب خاسرة لم تجعل أميركا أكثر أمناً، ولم تخفض مستوى الإرهاب الدولي الذي تدعي الولايات المتحدة محاربته منذ هجمات 11 أيلول عام 2001، ولكن الكلفة المادية للحرب – وهي التي قد تكون أكثر دقة – فقد بلغت نحو تريليوني دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين.
على المقلب الآخر تقول الإحصائية إن نحو 43 ألف مدني أفغاني لقوا حتفهم في هذه الحرب، إضافة إلى مقتل أكثر من 64 ألف عسكري من القوات الأفغانية التابعة للحكومة المدعومة من قبل أميركا، وبالطبع لا يمكن الوثوق بهذه الإحصائية لأن أعداد الضحايا المدنيين أكثر من ذلك بكثير، لأن أفغانستان كانت ساحة مفتوحة للموت الأميركي، إذ تتحدث الإحصائية عن أكثر من 58 ألف قنبلة تم إلقاؤها على الأفغان بينها أمهات القنابل والخارقة للتحصينات، غير أن الإحصائية خلت من عدد المجازر الجماعية التي كانت تتكرر بشكل دائم حيث كان البنتاغون يبررها بأخطاء بشرية أو أخطاء استخباراتية، فقد سويت عشرات البلدات والقرى الأفغانية بالأرض بعد قصفها بأمهات القنابل الأميركية، دون أن يكون هناك أي جهة محايدة تحصي أعداد الضحايا المدنيين، ولعل المفارقة الكبرى بعد كل هذه الحرب المجنونة، أن حركة طالبان التي كانت الهدف الأول للحرب الأميركية بسبب احتضانها لتنظيم القاعدة الإرهابية، باتت القوة الأكبر على الأرض الأفغانية، القوة التي تستطيع السيطرة على البلاد في حال انسحب الأميركيون منها – على الأقل هذا ما يقوله ضباط السي آي إيه – ما يعني فشلاً ذريعاً لهذه الحرب رغم كل الدمار والخسائر الذي لحق بكل الأطراف..
عند الحديث عن الحرب الأميركية على أفغانستان لابد من الحديث عن المعتقلات الأميركية المرتبطة بها من سجن باغرام مروراً بالمعتقلات “الطائرة”، وصولاً إلى معتقل غوانتنامو سيء الصيت، حيث مارس الأميركيون أبشع أنواع التعذيب والاعتقالات دون محاكمة بحق الأسرى والمعتقلين، فيما تكفل الإعلام الأميركي والغربي ووثائق ويكليكس بفضح جزء يسير من الممارسات غير الأخلاقية وغير الإنسانية التي مارستها السلطات الأميركية في هذه المعتقلات.
بعد أشهر قليلة – وتحديدا في تشرين أول القادم – تكمل هذه الحرب عامها العشرين دون أفق لنهايتها، فالرئيس الجديد جو بايدن الذي وعد بإنهائها وسحب قواته من أفغانستان عاد وابتلع وعوده، مفضلاً السير على خطا سلفيه باراك أوباما ودونالد ترامب اللذين سبق أن وعدا بإنهاء الحروب الأميركية في العالم لكنهما أشعلا المزيد منها في الشرق الأوسط، فلا أفق لحل سياسي قريب رغم الرعاية القطرية المشبوهة للحوار بين طالبان وواشنطن، ولا اتفاق سلام يمكن أن ينهي معاناة الشعب الأفغاني الذي كان منذ ثمانينات القرن الماضي هدفا للتدخلات الأميركية بذريعة مواجهة المد الشيوعي السوفييتي آنذاك، حيث دعمت واشنطن بشكل علني تنظيم القاعدة وحركة طالبان، وكان للرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان “أقوال مأثورة” بمن أسماهم”المقاتلون من أجل الحرية” الذين اتهموا فيما بعد بارتكاب اعتداءات أيلول، واليوم مع محاولات جو بايدن إعادة إحياء الحرب الباردة في مواجهة الصين وروسيا، لا يبدو أن الوجود الأميركي المدمر في هذه المنطقة سينتهي، ولا أحد باستطاعته أن يجزم بانتهاء العلاقة بين واشنطن وتنظيم القاعدة أو حركة طالبان، فما رآه العالم خلال عشر سنوات من الحرب الإرهابية على سورية يقطع الشك باليقين حول التحالف القائم بين واشنطن والإرهاب، رغم كل الأكاذيب التي يتم تسويقها لنفي ذلك.

آخر الأخبار
تحرّك في الكونغرس لإلغاء عقوبات 2003 و 2012 المفروضة على سوريا  تعزيز الاستقرار والخدمات في حلب.. ومتابعة التنفيذ وتذليل العقبات الرنين المغناطيسي في "وطني طرطوس" قيد الصيانة.. وآخر جديد بالخدمة قريباً أسعار سياحية في أسواق درعا الشعبية تصريحات الرئيس الشرع تَلقى صدى إيجابياً واسعاً في وسائل الإعلام الغربية والعربية غضب واستنكار شعبي ورسمي بعد جريمة الاعتداء على الشابة روان في ريف حماة قمة ثلاثية في عمّان تبحث تطوير  النقل بين سوريا وتركيا والأردن أنقرة: "قسد" تراهن على الأزمة مع إسرائيل في سوريا… وتركيا تحذر  رؤية استراتيجية لإعادة بناء الاقتصاد السوري.. قراءة في حديث الرئيس الشرع انتهاكات الاحتلال للأراضي السورية.. حرب نفسية خطيرة لترهيب المدنيين منحة النفط السعودية تعطي دفعة قوية لقدرات المصافي التشغيلية "إكثار بذار حلب" تحتضن طلاب "التقاني الزراعي" في برنامج تدريبي باخرتان محمّلتان بـ 31570 طناً من القمح تؤمان مرفأ طرطوس  برؤية متكاملة وواضحة.. الرئيـس الشـرع يرسم ملامح المرحلة المقبلة   تركيا: يجب دعم سوريا.. واستقرارها مهم لأمن وسلام أوروبا ترحيب عربي وإسلامي باعتماد الجمعية العامة "إعلان حل الدولتين "  ناكاميتسو تشيد بتعاون سوريا في ملف الأسلحة الكيميائية وتصف المرحلة الحالية بالفرصة الحاسمة  مشاركة وزير التربية والتعليم في البرنامج الدولي للقادة التربويين في الإمارات  "الخارجية" تُشيد بالمبادرة الأخوية لقطر والأردن بإرسال قافلة مساعدات إنسانية  مركز نصيب الحدودي.. حركة تجارية نشطة ورفع القدرة الاستيعابية