الثورة أون لاين -ناصر منذر:
الحرب الإرهابية تتعدد أشكالها وفصولها، والسوريون ما زالوا يخوضون الكثير من المعارك العسكرية والسياسية والاقتصادية والنفسية والإعلامية، وبقوة إرادتهم، انتصروا وحققوا إنجازات كبيرة في تصديهم لهذه الحرب على أكثر من صعيد، وثمة العديد من المعارك يفرضها الأعداء عليهم في هذه المرحلة، وهي تأخذ منحى شديد الخطورة لجهة تضييق الخناق عليهم أكثر فأكثر لكسر إرادتهم الصلبة، عبر استهدافهم بلقمة عيشهم، وحبة دوائهم، وكل مستلزمات حياتهم الطبيعية، وإحدى تلك المعارك التي تقاد كغيرها من الخارج، هي عمليات المضاربة التي تؤثر على سعر الصرف، وتلهب الأسعار بشكل غير مبرر، وللأسف يوجد في الداخل ثلة من أصحاب الضمائر الميتة، ممن باعوا وطنيتهم، يساهمون في إدارة هذه المعركة.
الإنجازات المحققة في إطار التصدي لهذه الحرب، تثبت أن لا شيء مستحيلاً في قدرتنا على مواجهة التحديات، والتكاتف معاً لتجاوزها، ومعركة سعر الصرف ثبت أنها جزء من الحرب النفسية التي نتعرض لها بالتوازي مع الحرب الاقتصادية والعسكرية، وقد حققنا إنجازات ملموسة في هذه المعركة، ولتعزيز هذه الإنجازات والبناء عليها لتخطي المشكلات التي أفرزتها ظروف الحرب وتداعياتها، لا بد من العمل على مسألة تحصين الوطن وجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية معاً، وهذا يأتي من خلال توعية الناس، وشرح أبعاد المشكلة بكل شفافية، وهنا يكون لتوسيع دائرة الحوار بين المواطن والمسؤول عن طريق التواصل المباشر أهمية كبرى في تحديد أسباب المشكلة، بما يساعد في طرح الحلول المناسبة، وهذا يقدم دعماً إضافياً للمسؤول لمعالجتها، وبالوقت نفسه لا يترك المواطن بحالة إحباط ويأس، وخاصة عندما تكون المشكلة تمس حاجاته الملحة والضرورية.
الحرب النفسية المترافقة مع سياسة الحصار والعقوبات الغربية، هي السلاح القديم الجديد التي تلجأ إليه منظومة العدوان اليوم، وتأتي استكمالاً للحرب الإرهابية العسكرية التي تصدى لها الجيش العربي السوري بكل بسالة وشجاعة، وقهرها السوريون بصمودهم وثباتهم والتفاهم حول جيشهم البطل، ولا شك أن المواطن بات يدرك أبعاد هذه المعركة، هي تهدف لزرع الشكوك في نفوس المواطنين لإحداث البلبلة والفوضى بما يؤدي إلى توتير الأوضاع الداخلية، والعمل بالتالي على استهداف الدولة السورية من بوابة التشكيك بقدرات مؤسساتها.
ولكسب هذه المعركة، وقطع الطريق على الأعداء، فإن مسألة تعزيز الثقة بين المسؤول والمواطن، هي الطريق الصحيح، وهي مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالمسؤول يجب أن يكون صادقاً وعفوياً وشفافاً في شرح المشكلة وأبعادها، والمواطن يجب أن يكون بدوره أكثر تفاعلية، وتقديراً لمقتضيات الواقع الحالي، وللأولويات التي تقتضيها المصلحة الوطنية العامة، وهذا المواطن لا تنقصه القدرة على فهم ما يجري من مؤامرات خارجية لا تزال منظومة العدوان تحوك خيوط المزيد منها، فهو تمكن من التصدي لهذه الحرب بعناوينها المختلفة بفعل ما يمتلكه من وعي وإدراك ومسؤولية، وعندما يتحمل الجميع مسؤولياته الوطنية، فإننا لا شك قادرون على تحويل الأزمات التي تفرزها هذه الحرب الوحشية، إلى مصدر قوة ومنعة.