الثورة اون لاين:
بعد مجموعتها الشعرية الأولى التي أصدرتها منذ عامين تقريباً توجهت رجاء شعبان إلى الرواية، فكانت بواكير أعمالها (لاعشق بعدك)، وقد لاقت صدى طيبا لدى من قرأها وتابعها، رجاء شعبان تعمل على المزاوجة بين النص الشعري والروائي، حول تجربتها هذه كان الحوار التالي:
* بين الشعر والرواية.. أين تجد نفسها؟ أجد نفسي فيهما، ومكوَّنة منهما.. الشعر في كينونتي، والفكر غايتي، أُطرَب للشعر ويعجبني جدّاً أن أكون شاعرة، ولكنّي أرغب بالفكر ويُشغِفُني جدّاً أن أكون كاتبة. والرواية ابنة الفكر، كاتبة أي مفكّرة! والفكر في نظري هو غاية وجودنا.. فقد ورد وتردّدَ في القرآن الكريم: “أفلا تتفكّرون”.. والتفكّر هنا بمعنى الوقوف مع الذات وفهم كل مايحيط بنا وصولاً إلى فهم ذواتنا ومعرفة أسباب وجودنا! ومن هنا يغدو الفكر بنظري أسئلة للوجود وسعي للبحث عن أجوبتها من خلال التفكّر.. وفي حال فاض الفكر قليلاً لابد من جدولةٍ له كما كل السواقي في الطبيعة عن طريق مسارات الكتابة وقنوات الكتابة بفنونها المتعددة.
والكتابة في هذه الحالة تغدو حالة طبيعية تلقائية سببية وجودية فلسفية، وللكتابة أوجه شتى.. منها الشعر ومنها الرواية، فالشعر هو تلك الحالة الجمالية للغة والتعبير من خلالها عن مكنونات ومشاعر وجدانية تأخذ منحى القصيدة بشتّى ألوانها.. لكنها لاتقدر أن تحيط ببحور الفكر وتأخذ امتدادها على راحتها، لأن مقياس الجمال والحجم لايسمحان لها بذلك فتغدو منشلخة انشلاخاً من بوابات الفكر.. أما الرواية فهي إحاطة كاملة وشاملة بكل فنون الفكر والأدب، فقد تحمل أكثر من فنّ وقد تكتفي بفنّ واحد، وقد يدخل الشعر في الرواية لكن الرواية لايسعها الشعر.. الشعر له قوالب محددة وإن كان له بحور وقواعد وشطآن لايتخطّاها، فالرواية أرحب وأوسع، فهي محيطات تحوي البحار ذاتها، لكن في المحصلة الشعر والرواية هما من ذات الخاصيّة الذي هو ماء الفكر. وبالنسبة لي أجد نفسي مخلوقاً شاعرياً روائياً لأقاصيص الحياة يحبّ أن ينمو.. يغامر… يسرح.. يبحر.. يسافر.. بسفينة الشعر عبر محيطات الرواية.
* لماذا قفزتِ من الشعر إلى الرواية؟
لم أقفز ولم أغير وجهة سيري، أسافر بشعري على دروب روايتي، و حقيبتي قصيدتي التي لايمكن التخلّي عنها. فروايتي الصادرة” لاعشق بعدك”، بإمكاني أن أصنّفها رواية شعرية أو شاعرية لأنها أخذت منحى السرد الشعري والحوار الفلسفي الشاعري مع أهمّ أبطال الرواية، وبهذه الحالة أكون جسدت الشعر في الرواية ولم أخرج عن نسغي الأساسي الذي هو الشعر، ولكن الحق يُقال إنّ للشعر علوماً وبحوراً خاصة به لا يسعني أن أتخصص بها لأنه حسب كينونتي لا أحبّ التقيّد النهائي بما قد يضيق به جسدي وروحي، ولايدعني أتنفّس بحرية حسب اللحظة والظرف والحالة التي أنا فيها والتنوع والتلوّن عشقي.. والتبدّل من حالٍ لحالٍ أفسح لطبيعتي، لكن لم ولن أقفز خارج حدود اللغة الشعرية والحوار النشيديّ، فلغة روحي هكذا.
* هل نالت مجموعتك الشعرية حقّها من المتابعة؟
مجموعتي الوجدانية الأولى بعنوان: “تلك الأيام” هي باكورتي وتجسيد حلمي، جمعت حالات وجدانية بنصوص شعرية نثرية وأقاصيص بَنَتْ لحالتي الروائية.. وهي تعكس هويتي دون قصد بأنّ بداياتي حملت جينات الشعر والرواية في الأدب.
نعم أخذت حقّها على المستوى الشخصي فقط باعتبار أنّ من يعرفني ويحبني كان له فضل اقتناء شيء مني! ولكن على المستوى الإبداعي فقد نُشرت دراسة مقتضبة عنها في جريدة الثورة الرسمية، لكن في المؤسسات الثقافية الأخرى لا أحد ذكرها رغم معرفتهم
العام الفائت في مثل هذه الأيام كان من المفترض مناقشتها في أحد المراكز الثقافية، ولكن حصل الحجر اتقاءً لوباء الكورونا، وانقضى الأمر وانشغلتُ بنشر روايتي الأخيرة وهكذا.
يمكن القول تمّت متابعتها بشكل عام ولكن على المستوى الشخصي المحدود وليس بشكل أكاديمي مدروس، فمن يعرف أحداً ربما يتذكره وإلا فهناك العبثية والفوضى والمحسوبيات ضاربة أطنابها. بشكل عام وأثناء توقيعها بمعرض الكتاب نفدت حوالي نصف نسخها المطبوعة بسبب أصدقاء لي، لكن لم تُوزّع على المكتبات في الأسواق وهذه مسؤولية دار النشر، لكن لم يحصل ذلك..
* لماذا نملك فيضاً من الإنتاج والإبداع من دون خبرة ترويج؟ المنتج يجب أن يُطرح في السوق أياً كان وهذه مسؤولية مَن يعمل بهذه الجهات، من المفترض أن تقوم بعملها على أكمل وجه، ويجب على المختصين بالشؤون الثقافية والإبداعية في المؤسسات الحكومية والرسمية وحتى المستقلة والخاصة الخروج من دائرة الثوب الضيق والشخصنة والمزاجية والتعامل بمهنية وأكاديمية ضمن خطة مدروسة تنهض بالفكر ولاتبخس حق من يعطي ويضيف عملاً ما في روايتك “لاعشق بعدك” عنوان ملتبس، يظن المتابع بدايةً أنه عنوان للحب الموجه للرجل أو الأنثى فإذ به للكتابة؟ الجواب: العنوان اخترته بعناية بحيث يشمل الصدق والجذب والتشويق والجمالية كذلك.. لا أُخفي أنه إشكالية كالمصيدة.. لكن كما يُقال : ” الكتاب يُقْرَأ من عنوانه” هذا أولاً وثانياً جاء كناحية جواباً لفكرة هامة به بل هي محوره الأساسي ألا وهي الكتابة
وهدفي الحقيقي بالكتابة ان الكلمة عشق خصوصية وجمال ومعنى عند الجميع، وقد استفدت أو احتلتُ بهذه الجمالية كفخٍ يقع فيه الناظر لغلاف الكتاب من أول وهلة. فجميعنا يعلم أن كتاباً خالياً من عشق أو قصة حب لايمكن للأغلبية أن يلفت نظرها أو يقتنيها.
الرواية أو الكتاب لايخلو من العشق، فمن قال مثلاً أن العشق حالة فقط بين الذكر والأنثى؟ حالة عشق البحر مثلاً ماذا نسمّيها؟ إعجاباً! وحالة العصافير وعشقي لها وحالات عشقهم لبعض ماذا أسميها؟ هياماً؟ وحالة الكتابة التي تنطوي فيها كل قصص العشاق ألا تستحق أن يعترف أحد بأنها أم العشق ومأوى العشاق؟ الكتابة تستحق بجدارة بألا يكون هناك عاشق أو عشق قبلها أو بعدها
السابق
التالي