الثورة أون لاين- سلوى الديب:
“في رواية “نيسان” تستوقفنا “جوليا” أمام سؤالين هامين..
هل نؤمن سلفاً بقدرية تحدّد مسار حياتنا، أم نخوض تجربة الحبّ بحثاً عن السعادة والسلام الداخلي؟
هل يغير فينا الحبّ ما يغير فينا الزمن؟” كان هذا فحوى رواية “نيسان” للأديبة أوجيني رزق، حيث قام كل من الأديب الدكتور نزيه بدور والأديبة خديجة الحسن بتقديم دراسة نقدية عنها في مديرية ثقافة حمص قاعة سامي الدروبي.
أشار الدكتور “بدور” بأن “نيسان” مدونة سردية شديدة التوهج والإدهاش، شديدة الثراء، الكاتبة في روايتها “نيسان” سيمفونية الحب والآمال الكبيرة، اتسمت الرواية بنزعة واقعية تعتمل في نسيج السرد الحكائي، تقدم الروائية في عملها بناء معمارياً روائياً قوامه الواقعي الموضوعي المتماهي في المسرود المتخيل، بأبعاد تعبيرية باذخة، حوارية في ماهيتها وقيمتها المضافة، وبلغة متدفقة ومشحونة بقدر من الإيحاء والسيولة والرشاقة التعبيرية، بما تطيّفه من أسئلتها الفلسفية التي تعكس صدى التجربة الحياتية والاجتماعية، كما أن محاكاة الواقع بطريقة توثيقيه شديد التفصيل أحيانا، منحَ النص بعداً فنياً غير مسبوق، وهذا ما يؤكده جدل التفاعل بين التخيل ووصف الواقع الحيّ.
وتابع قائلاً: استخدمت الكاتبة أسلوب الراوي العليم وهو أسلوب كلاسيكي يناسب الروايات الواقعية ولكنها في بعض الأحيان تكلمت بصوت بطلة القصة “جوليا” وكأنها تقرأ مذكرات ويوميات، ولعل هذا الأسلوب خير ما يعبر عن مكنونات النفس ومشاعرها وهواجسها، فلا أحد يعرف ما تشعر به جوليا أكثر منها.
وفي تفصيلات الحدث الروائي يحضر “نيسان” ، وهذا شرط من شروط اختيار العنوان بشكل عام ففي نيسان الرواية كان اللقاء الأول بين الحبيبين، تحقق الحلم وما كان ضرباً من ضروب العالم الافتراضي وأوهام النت صار واقعاً ملموساً وحقيقة لا تقبل الشك، إنه الحدث الروائي الأبرز والذي يعبر عن ذروة التصعيد الدرامي بمضمراته النفسية والاجتماعية وحتى الفلسفية.
أما الأديبة خديجة الحسن فأشارت أن الرواية تبدأ بلحظاتٍ هادئةٍ، يتصاعد هذا الهدوء تدريجياً باتجاه التوتّرِ، ثم الحزم فالإصرار على الحلِّ والانتهاء من واقع الكبت وألم القيد.
وتناولت العتباتِ النصيةِ قائلة: العنوان، ( نيسان )، شهر الحبِّ والربيعِ وتفتّحِ الآمالِ: “نيسان” لا يترك في زوايا الروحِ أثراً للصقيعِ.
في المقدمة تلتمسُ أسرارَ الروايةِ وتجعلُ القارئَ يدخلُ في بنيةِ النصِّ ليتعمقَ في مكنوناتِه.
وتضيف: تستخدم الكاتبة أسلوبَ الخطفِ خلفاً وتبدأ بسردِ الرغباتِ الكامنةَ في نفس بطلتِها والتي لا يعرفُها إلا هي؛ خالقتُها وخالقةُ أفكارِها وخواطرِها، وأعمالِها،وإرادتِها، وتمردِها.
مارست أوجيني لعبةَ الإيهامِ بواقعيةِ ما تروي واصلت معركتَها اليوميةَ مع الحياةِ والأسرةِ بكلِّ حبِّ لتبنيَ لحياتِها معنىً وقيمةً.
الزمن عند أوجيني سريع، أحداثٌه متتاليةٌ، زمنٌ يمرُّ، وزمن حاضرٌ (الآن)، وزمن يُصنع. الزمن في الرواية كما يسميه رولان بارت (زمنٌ اصطناعي)
أما آلية السرد: سرد درامي يسيطر فيه الإيقاع بمستويات متعددة في زمن الرواية وأمكنتها المتعددة.
أسلوبٌ سلسٌ وجذّاب بعيدٌ عن التكلفِ والتصنع واستخدام عباراتٍ غامضة.
الروايةُ واقعيةٌ اجتماعيةٌ بامتياز، مكتملةُ البناءِ الروائي، منغلقةٌ في نهايتها الغامضة التي تزيد تأكيدَ الاكتمالَ البنيوي للنص