الثورة – أحمد صلال – باريس:
تخلّت شابة فرنسيّة عن أحبائها للانضمام إلى مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، هي قصة الفيلم الفرنسي “ربيعة” ماريكه إنجلهاردت التي روت أحداثه خلال عام 2015، والذي يعرض الآن في صالات السينما الفرنسية.
وفي قصّة الفيلم تنطلق “جيسيكا وليلى” ممرضتان وصديقتان في رحلة إلى سوريا، تتزوّجان من الرجل نفسه، وهو مقاتل جهادي في صفوف “داعش”، عند وصولهما إلى الرّقة، تلتقيان “بالمدام” المسؤولة عن تحليل دوافع الفتاتين، وتدريبهما، وربطهما بأزواج المستقبل، لكن بعد أن علمتا أن الرجل الذي كانتا على اتصال به قد قتل، تجدان نفسيهما منفصلتين.. لذا، فإن آليات التلّقين التي يطبّقها تنظيم الدّولة الإسلاميّة المزعوم هي ما يثير اهتمام المخرجة ماريكه إنجلهاردت، “التي يُعرض فيلمها الروائي الطويل الأول هذا العام، سواء في شخصيّة الأم البديلة التي تُجسدها “المدام” أو في قصّة المكان..
يتناسب نص الفيلم مع شخصية البطلة جيسيكا، التي تضيق آفاقها مع صعودها في صفوف هذا التنظيم، وهي فرصة لتشريح أيديولوجية تُدمر آخر بقايا البراءة، والطريقة التي تُشكل بها أشكال التعذيب المتعدّدة (الجلد، والحرمان، والتواصل السّري مع الأحبة، إلخ) في نهاية المطاف تنتج الشّخصيّة، بحثاً عن الاعتراف ومكان أفضل، لتعيد إنتاج كل ما كرهته في عالمها السّابق، إلى أقصى درجات الاحترافيّة.
يعود اسم الفيلم إلى اللقب الذي أُطلق على جيسيكا الشابة التي تؤدي دورها، وهي تحاول شرح دوافعها للانضمام إلى الجهاد، سواء للقتال أو للعلاج، ورفض إعادتها إلى فرنسا.
وفي حوارات قصيرة مع لبنى أزابال التي تؤدّي دور “المدام”، الباردة والمتسلّطة بشكل لافت، تُعبّر جيسيكا بلا شك عما تمنّت العديد من الشّابات أن يجدنه هناك مع المقاتلين المثاليّين، الذين يحاول السيناريو بتكتّم تصويرهم ضعفاء ومبتذلين” لم يعد لديهن احترام أو اعتبار، يهربن من نظام يستعبدهن، ويُحكم عليهن بالخدمة والبقاء، والانتقال من الرأسماليّة والفرديّة الجامحة إلى جماعة متعصّبة بالغة الخطورة، بما في ذلك على الصّحة البدنيّة والنفسيّة للفرد.
أبدعت ماريكه إنجلهارت في توظيف موقعها، الواقع في مصنع قديم وحرمان من الضوء، المكان الذي يرمز إلى حبس الشخصيّة في نمط عملها المميت، وينتقل فيلم “ربيعة” من البرود إلى العاطفة، ليذكّرنا بشكل أفضل بمصير أو وضع العديد من النساء (نحو 42,000) والأطفال الذين وُلدوا هناك (نحو 25,000).
يذكر أن جيسيكا قد حصلت بدور شخصيّة “ربيعة” في الفيلم على جائزة الجمهور، وجائزة لجنة تحكيم الشباب، وجائزة أفضل ممثلة لميغان نورثام، وسبق وأن حازت على ثلاث جوائز في مهرجان سارلا.