من فظائع هذا العصر أن يحاضر المجرم بالقيم، أن يتحدث سفاحو العالم عن الأمن والسلام، يبكون فوق رؤوس الضحايا التي بترت أعناقها بسيوفهم المتعددة الألوان، من النووي الذي جرب فوق المدن اليابانية، إلى ما استخدموه من النابالم في فيتنام وغيره من السلاح الكيماوي والجرثومي الذي مازالت آثاره باقية إلى اليوم، وقد يمضي أكثر من قرن على الاستخدام، وما يخلفه من أجنة مشوهة مستمر، وهل نتحدث عن العراق وأفغانستان، عن حصار كوبا التي عانت ما عانت، ولكنها استطاعت أن تبني قوتها في العلم والمعرفة والطب، أميركا تبكي حقوق الإنسان في سورية، ومن على المنابر الأممية، أي فضيحة أبعد من هذه، أي عار يمكن أن يحدث أكثر من أن يكون الظالم والقاتل محاضراً حول الإنسانية، ذات يوم كتب نعوم تشومسكي تحت عنوان عسكرة النزعة الإنسانية الأميركية – طبعاً ساخراً ومسهتجناً ما تقوم به واشنطن، قال: تحمل طائراتنا إلى العالم القنابل والخبز وتلقي بهما معاً، أي منهما يصل إليك أولاً فهو المقصود، قنابل واشنطن دمرت العراق، وأفغانستان، والرقة السورية، والبنى التحتية في دير الزور، أحرقت المحاصيل السورية، دعمت داعش، سلحت قسد لتستولي على مقدرات الشعب السوري.
قصفت معامل الدواء في سورية، ومعها من يدعي أنه شريك في محاربة الإرهاب، تسرق النفط والقمح، تفتك بك شيء، ومع ذلك، يخرج مسؤول أميركي يعيش العمه الفكري والإنساني، ويتباكى على ما يجري في سورية، ترى هل يستطيع للحظة واحدة أن ينظر بمرآة الواقع، ويعترف أنهم داء العالم كله؟
فضيحة العصر أن تكون واشنطن حارسة للقيم، للحقوق، أن تحاضر بالأمن والسلم العالميين، وهي التي كما كشفت التقارير منذ أيام أنها كانت تعمل على توجيه ضربة نووية للاتحاد السوفييتي، لتكون المرة الثانية التي تستخدم فيها السلاح النووي، لكن ذلك لم يحدث، ليس لأنها ثابت إلى العقل والرشد، بل لأنها كشفت، وهي التي تتمدد اليوم في أوكرانيا وتريد إقامة قواعد عسكرية فيها، ما يعني زيادة أوار الحرب الباردة أو الساخنة مع الاتحاد الروسي، ناهيك بما أطلقه بايدن من تصريحات عدوانية تجاه روسيا والصين.
المشهد العالمي الذي تقوده واشنطن، يعني الفضيحة القيمية والأخلاقية، وما جاء في بيان وزارة الخارجية السورية تعليقاً على ما أعلنته واشنطن هو لب العقل وعين الحقيقة:
((بينت الخارجية: إن نظرة على سجل الولايات المتحدة الأميركية في مجال حقوق الإنسان تظهر أنه لا توجد دولة أخرى تنافسها على ذلك إلا أن سيطرتها الهائلة على وسائل الإعلام والاتصالات تمكنها من إخفاء هذه الحقيقة عن شعبها فهل كانت الولايات المتحدة تحترم حقوق الإنسان عندما قامت بقتل جورج فلويد الأميركي من أصل إفريقي على مرأى كل الشعب الأميركي وشعوب العالم؟)
وتابعت الخارجية: (إن ادعاء الإدارة الأميركية أن حقوق الإنسان هي أولوية في سياستها الخارجية يمثل قمة النفاق فها هو شعب سورية يعاني في طعامه وصحته وشرابه وبيئته وفي مختلف نواحي الحياة الأخرى نتيجة للحصار الاقتصادي اللاإنساني الذي يهدف إلى تجويع وإفقار هذا الشعب علماً أن هذا التقرير المشؤوم لم يتطرق نهائياً إلى المأساة الحقيقية للشعب السوري والتي تتمثل بالإرهاب وتمويله من قبل الولايات المتحدة التي تقوم الآن بنهب البترول والقمح السوريين بشكل مكشوف) مبينة أن الإدارة الأميركية تثبت مرة أخرى أن تقاريرها موجهة بشكل أساسي إلى من لا يتماشى مع سياساتها ومصالح أدواتها في المنطقة وخارجها وخاصة الدول التي ترفض الخنوع لإملاءاتها واشنطن.).
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير- ديب علي حسن