الثورة أون لاين – نهى علي:
بدأت الحكومة سلسلة إجراءات متسارعة لاستدراك واقع زراعة القمح الذي طالما انطوى على ميزات أكثر من نسبية وتصل إلى حدّ الميزات المطلقة، وتجري حالياً محاولات جادّة في أروقة مجلس الوزراء ووزارة الزراعة لإعادة استنهاض ما أمكن من هذه الميزات، في ظل الحاجة الماسّة لتحقيق الكفاية من هذا المحصول كحامل أساس للأمن الغذائي في سورية.
فبعد رفع سعر شراء المحصول من الفلاحين، وإمدادات السماد المدعوم والمحروقات اللازمة للزراعة والري، يجري العمل على تطوير الأصناف بالتشارك مع بيوت الخبرة والمراكز البحثية والإرشادية، وتعكف وزارة الزراعة هذه الأيام على إطلاق البرنامج الإرشادي لتطوير زراعة القمح.
وتلفت تقارير الوزارة إلى دراسات عميقة ومكثّفة لواقع تنفيذ البرنامج الإرشادي لتطوير زراعة محصول القمح المروي على مستوى القطر للموسم 2021، من حيث المشكلات الفنية الزراعية التي تعوق زيادة الإنتاج، وحزم التقنيات الحديثة المراد تطبيقها بهدف زيادة الإنتاج والإنتاجية، واستثمار أمثل لمعادلات الأراضي والمناخ والطبيعة الملائمة لتحقيق نسب ومعدلات إنتاج متقدمة في وحدة المساحة على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط.
وتشير التقارير إلى أن دليل أصناف القمح في سورية أصبح جاهزاً بالتعاون مع الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، كما تم تعميم مطويتين لأصناف القمح الطري، وأصناف القمح القاسي .
وتحاول الوزارة تجاوز الأمراض التقليدية التي تصيب المحصول من خلال تغيير تقاليد وطرق الإنتاج، ولا سيما مرض الصدأ الأصفر، إذ تشير مصادر الوزارة إلى تعميم تجربة الابتعاد عن استخدام الري بالرذاذ في المناطق المعرّضة للإصابة لكونها تعمل على انتشار المرض بسرعة أكبر، وتقليل إضافة الأسمدة الآزوتية لكونها تزيد من النمو الخضري، وتضعف النبات، إضافة إلى تقليل الكثافة النباتية، وضرورة نشر نظام الزراعة الحافظة لما لها من أهمية في التكيف مع المناخ، وتوفير مستلزمات الإنتاج في وحدة المساحة.
فهناك العديد من المشكلات التي تواجه زراعة هذا المحصول في مختلف المناطق، ونسب تبني التقانات في الزراعة، بحيث لوحظ انخفاض عام في نسب انتشارها، وخاصة فيما يتعلق باعتماد تقنية إجراء تحليل التربة لمعرفة محتواها من العناصر الغذائية، وإجراء تحليل لها لمعرفة المسببات المرضية والنيماتودا.
وتدعم البحوث الزراعية هذه الزراعة من خلال تعزيز نشر وزراعة البذار المحسن الموزع للفلاحين عن طريق المؤسسة العامة لإكثار البذار، على التوازي مع دعم سعر القمح المستلم من الفلاح من خلال توصية اللجنة الاقتصادية.
وتتوجه الوزارة – وفقاً للتقارير المعدّة في سياق توثيق خطوات تحسين إنتاجية القمح وتطبيقات البرنامج الإرشادي الجديد – إلى الفلاحين من خلال الأنشطة الإرشادية لأهمية الزراعة الحافظة، وتطبيق الإرشاد الالكتروني، واستخدام تطبيقات الجوال، ووسائل التواصل الاجتماعي في تنظيم مجموعات الفلاحين المشاركين بالبرامج الإرشادية، والتواصل معهم، وتلقي شكاويهم، وإيصال الرسائل الإرشادية في حينها، وضرورة التعاون مع كل الجهات المعنية في تطوير زراعة المحاصيل بصورة عامة، وتعميم دليل أصناف القمح في سورية، وإشراك هيئة البحوث العلمية الزراعية في كل لجان القمح للوقوف على أهم المشاكل التي قد يتعرّض لها المحصول خلال موسم الزراعة، والعمل على اقتراح الحلول المناسبة والأبحاث إن لزم الأمر.
وتعمل الهيئة العامة للبحوث الزراعية على بحث ودراسة ظاهرة الاصفرار على محصول القمح، والمنتشرة بشكل خاص في محافظة درعا، وللحصول على نتائج أفضل من هذا المحصول..و ستتم إقامة دورات تدريبية للمرشدين الزراعيين في الوحدات الإرشادية والوحدات الداعمة بالتعاون مع: (ايكاردا، أكساد، البحوث) لإدارة زراعة محصول القمح، والإدارة المتكاملة لآفات القمح، وسيتم تنفيذها في الوقت المناسب حتى يترافق تنفيذ الدورة مع التدريب العملي في الحقل، وتشجيع المزارعين على تطبيق الدورة الزراعية التي تتضمن محصولاً آخر غير القمح كالبقوليات الغذائية والعلفية التي اقترح إدراجها ضمن الخطة الزراعية، وإمكانية تسويقها حكومياً.
يذكر أن إنتاج سورية من القمح وصل في بعض السنوات إلى 5 ملايين طن، إلا أن الأصناف الجديدة التي جرى توطينها لم تكن مواتية كلياً للبيئة المحلية، وظهرت معها بعض الأمراض التي أثرت على الإنتاجية.
كما أن دخول الإرهاب والميليشيات المسلحة إلى مناطق الإنتاج الرئيسة، قد حال دون تسلّم المؤسسة العامة للحبوب للكميات الأكبر المفترضة من المحصول خلال السنوات الأخيرة، وقد تراجعت الكميات المستلمة إلى ما دون المليون طن في الموسم، فيما تصل حاجة البلاد إلى حوالي 3 ملايين طن.