الثورة أون لاين- أيمن الحرفي:
حب الوطن فطرة إنسانية عظيمة وقيمة أخلاقية عليا، وهذا الحب ليس مجرد كلمات تقال أو شعارات ترفع إنما هو سلوك فعل وتضحيات في ساحة العطاء لأجل عزته ورفعته وحفظه.
و للتضحية من أجل الوطن صور متعددة أعلاها واشرفها الشهادة والتضحية في سبيل جلاء المستعمر عن أرضه وحمايته من أي خطر يهدده أو يزعزع أركانه أو يروع مواطنيه. و الرجل السوري كان و لايزال يعبر عن حسن انتمائه له وحنينه إليه،كيف لا وهذا سبيل الشرفاء و العظماء و الأوفياء،من السوريين الذين عبروا عن وطنيتهم الحقيقية فداء و عزة و كرامة و اباء و شموخا و اعتزازا لا تفريط فيه.
و لم تنل سورية الجلاء لولا تضحيات الأبناء و بطولاتهم و ملاحمهم التي سطروا بأحرف من ذهب في تاريخ مجيد لسورية الأبية فكان جلاء المستعمر الغاشم عن أراضيها لتنعم بالحرية التي انتزعت بفعل تضحيات جسيمة وأرواح بذلت لأبطال قدموا لوطنهم اغلى ما يملكون فاسترخصوا دماءهم الزكية في سبيل عزته و منعة كل ذرة تراب من أرض هذا الوطن الحبيب ملقنين القوى الاستعمارية دروسا في البسالة و الاباء لنيل الجلاء الذي لم يأت إلا ثمرة لنضال الشعب العربي السوري،يوم قامت الثورات في جميع أرجاء الأراضي السورية بدءا من ثورة الشيخ صالح العلي انتقالا لثورة ابراهيم هنانو وصولا إلى الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش و غيرها من الثورات السورية ،حيث أفضت الأيام من الثورات إلى المفاوضات إلى الانتخابات الدستورية حتى إعلان سعد الله الجابري ان الانتداب لم يعد ساريا ليأتي بعدها في ٨ ايار ١٩٤٥ الوفد السوري برئاسة فارس الخوري مطالبا مجلس الأمن بإعلان الاستقلال. رافق ذلك تظاهرات وثورات هنا وهناك لقنوا خلالها الجيش الفرنسي دروسا في النضال و الصمود و الشجاعة، وقد رد المستعمر الفرنسي بكل عنف وهمجية يوم ضربوا مجلس النواب و قتل من فيه من وزراء و نواب.
تم إخلاء المجلس و بقي الحراس بأسلحتهم الفردية و بدأت المدفعية بالقذائف و الطلقات الرشاشة، بعدها اقتحم الجنود الفرنسيون مبنى البرلمان و نفدت ذخيرتهم الخفيفة و قاموا بقتل جميع من فيه كما انهالت القذائف المدفعية و قنابل الطائرات على أحياء دمشق مسببة الخراب و الدمار للأحياء السكنية و المدارس و المشافي.
لكن نضال هذا الشعب و استمرار مقاومته النضالية توج هذا النضال الوطني باستقلال سورية و جلاء آخر مستعمر فرنسي بشكل كامل و هكذا صار ١٧ نيسان يوما وعيدا وطنيا من كل سنة يحتفل به كل سوري وفرحة الجلاء تتجدد بانتصارات الجيش العربي السوري و هو يسطر اروع البطولات والملاحم عبر صفحات من المجد والإباء والتضحيات.