الثورة – همسة زغيب:
من داخل بيت تنبض جدرانه بالحنين، وتغني نوافذه لحن الأزمنة، تبدأ الحكاية، ففي حيّ القنوات الدمشقي، يقف “بيت التراث الدمشقي” كعود شرقيّ يعزف على أوتار الذاكرة.
لا يقتصر البيت على المقتنيات العتيقة فقط، بل تُستعاد فيه روح الماضي، وتُروى الحكايات، وتُضاء زوايا القلب بأصالة دمشق.
يوضح الباحث في التراث هيثم طباخة، أن “بيت التراث الدمشقي” يعد مرآة للروح الجماعية، ومسرحاً يومياً للحياة.
يتعانق في جدرانه الماضي والحاضر، حيث تتنفس الأبواب عبق المحبة.
فقد أسّس طباخة هذا المكان ليكون سجلاً حياً لذاكرة دمشق العريقة.
بدأ شغفه بالتراث منذ أكثر من أربعين عاماً، وجمع مقتنيات عتيقة تعكس أصالة دمشق، وصَانَها ليعرضها كجزء من الهوية الثقافية لسوريا.
في حديثه لصحيفة “الثورة”، بيّن طباخة أن هذا المكان يعكس العلاقة العميقة بين الماضي والحاضر، فهو مكان ينبض بالتاريخ في كل زاوية.

جمع فيه مقتنيات مادية، مثل الأثاث الدمشقي المصنوع من الموزاييك والصدف، وصوراً تاريخية تجسد ملامح الحياة اليومية الدمشقية.
أضاف طباخة أنه في بدايات جمعه للمقتنيات، كان يزور سوق الحميدية بحثاً عن قطع نادرة، فكان يكتشف كنوزاً من التراث. من بين هذه القطع النادرة، ميدالية ذهبية تحمل نقشاً “من العرب إلى أم كلثوم”، وهو رمز للوفاء والمحبة كان شائعاً في المدينة.
يعكس البيت التراث اللامادي وما جسّدته الحكايات الشعبية، التي حملت دروساً في الشجاعة والفخر، كقصص “الزير سالم” و”عنترة”، التي حفّزت الخيال وغرست القيم في نفوس الأطفال.
هذه القصص جزء لا يتجزأ من الهوية الدمشقية، وتهدف إلى الحفاظ على التراث والتقاليد.
وتحدث طباخة عن البيوت الدمشقية القديمة، التي كانت تجمع العائلات على المحبة والوفاء، وتوفر مساحة للتواصل بين الأهل والجيران.
وكانت مركزاً للعلاقات الإنسانية المتينة، حيث يتبادل الجميع الحكايات والذكريات على موائد الطعام وفي المجالس الاجتماعية. وكان العيش في البيوت الدمشقية يتميّز بالتلاحم الأسري، ما جعلها تحمل في طياتها القيم الأصيلة للمجتمع الدمشقي.
واختتم طباخة حديثه قائلاً: “بيت التراث الدمشقي ليس مجرد مكان مادي، بل هو نافذة تطل على تاريخ المدينة وحضارتها، هو دعوة لكل من يزور المكان لاستكشاف عمق دمشق والتعرف على هوية شعبها، التي تنبض في كل زاوية فيه”.
