الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
مع إطلالة الربيع من كل عام وإشراق نيسان، وقد لبست الأرض ثوباً قشيباً أخضر مزيناً بأزهار ملونة جميلة تكسي الحياة روعة وجمالاً يكون السوريون على موعد مع ذكرى وطنية غالية على قلوبهم جميعاً.
ففي السابع عشر من نيسان يحتفل السوريون سنوياً بذكرى عيد جلاء المستعمر الفرنسي عن أرضهم بعد نضال طويل استمر لأكثر من ربع قرن وثورات وطنية متلاحقة قادها زعماء وطنيون نذروا أنفسهم وأرواحهم لحرية الوطن أمثال يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي وغيرهم ممن لقنوا المستعمر دروساً بليغة في ملاحم النضال والفداء، وتوجوا نضالهم بالانتصار على المستعمر وإرغام قواته على الجلاء عن أرض الوطن.
شكل الجلاء ولا يزال بعد مرور خمسة وسبعين عاماً قيماً نضالية وإنسانية وحضارية كبيرة تضاف إلى مجموعة القيم السامية التي اشتغل الشعب السوري على توطينها وتكريسها على مدى آلاف السنين، لذلك فإن الاستقلال كان نتاجاً طبيعياً وتحصيلاً تاريخياً لجملة المنجزات الحضارية التي حققها السوريون عبر رحلتهم الإنسانية الطويلة.
ولم تكن بطولات جيشنا الباسل في مواجهة الإرهاب، وصمود شعبنا السوري في تصديه للحرب الكونية الظالمة طيلة العشر سنوات الماضية بكل أوجهها العسكرية والاقتصادية والإعلامية، سوى امتداد طبيعي لهذه القيم الخالدة القائمة على المقاومة والصمود ورفض الخنوع والتبعية للغزاة الطامعين وأدواتهم ومشاريعهم.
إن ذكرى الاستقلال مناسبة لتكثيف الجهود من أجل رفع مستوى الأداء وتحمل المسؤوليات في بناء الوطن والنهوض به من أجل تحقيق المشروع النهضوي، حيث تكتسب الاحتفالية بذكرى الجلاء هذا العام أهمية خاصة، إذ يسجل السوريون وبجيشهم الباسل وقيادتهم الحكيمة المتمثلة بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد نصراً مزدوجاً على قوى الهيمنة والاحتلال والإرهاب.
فالوجه الأول لهذا النصر، هو ما تحقق في الميدان على يد بواسل الجيش العربي السوري ومن خلال صمود شعبنا من تحرير أجزاء كبيرة من سورية من رجس الإرهاب ومواصلة الإعمار والتنمية.
أما الوجه الآخر له فهو استعداد سورية وشعبها للمضي قدماً في مواصلة الاستحقاقات وأهمها الاستحقاق الرئاسي القادم.
إن الاستقلال الذي تحقق بفضل دماء الشهداء وغاياتهم النبيلة يؤكد أن سورية التي واجهت وتواجه حرباً عدوانية ظالمة طيلة عشر سنوات ستتجاوز أزمتها الحالية لتخرج منها منتصرة موحدة، فكل محاولات المستعمرين عبر التاريخ لتقسيم سورية إلى دويلات باءت بالفشل حيث استردت سورية وحدتها ومنعتها بعد كل احتلال تعرضت له، وأفشلت المؤامرات والمخططات الاستعمارية التي كانت مرسومة للنيل من مواقفها الوطنية والقومية.
إن حدث الجلاء شكل منعطفاً مصيرياً في تاريخ سورية لجهة بناء الدولة الوطنية العصرية المستقلة من جميع الارتهانات السياسية والاقتصادية وانطلاق الإنجازات الحضارية لتثبيت دعائم المواطنة ونشر ثقافة الانتماء للوطن.