الثورة أون لاين – محرز العلي:
يحتفل شعبنا الأبي في السابع عشر من نيسان من كل عام بالعيد الوطني لاستقلال سورية وهو ذكرى طرد آخر جندي فرنسي عن أرض الوطن، مستذكراً تضحيات الأجداد ومؤكداً رفضه الذل والاستسلام للأعداء وعدم التفريط بالسيادة ووحدة الأرض التي ترجمها أجدادنا بثورات متتالية انطلقت في مختلف المناطق السورية ضد المحتل الفرنسي ليجبروه بعد نضال استمر 26 عاماً على الانسحاب يجر خلفه أذيال الذل والهوان بعد فشله في تحقيق أجندته الاستعمارية وعجزه عن إخضاع السوريين لجبروته رغم بطشه وعنفه وعدوانه المتوحش على المدن السورية، لتساهم بطولات وتضحيات الأجداد في تكريس ثقافة التضحية والفداء والمقاومة في وجدان السوريين جميعاً.
يحمل السابع عشر من نيسان دلالات ومعاني كثيرة في مقدمتها حب الوطن والدفاع عنه وتقديم الغالي والنفيس في سبيل الذود عن حياضه ووحدة الشعب السوري في مواجهة العدوان والاحتلال، وهنا يحضرنا ما قاله أحد الضباط الفرنسيين في وصف بطولات السوريين في مواجهة المستعمر الفرنسي، حين رد على سياسة التضليل الفرنسية التي روج لها الإعلام الفرنسي عبر أحد كتابه المأجورين المدعو هنري بوردو الذي كتب في إحدى الصحف الفرنسية يقول: ” إن سورية كانت هادئة وساكنة في عهدي الجنرال غورو والجنرال فيجان” فرد عليه الجنرال ساراي بالقول: “إن هذا الكاتب يجهل كل شيء أو يكذب فقد قامت في سورية 35 ثورة دفن فيها من الجيش الفرنسي 5 آلاف بين ضابط وجندي” حيث أثبت السوريون بأنهم لا يحنون هاماتهم لعدو أو متآمر مهما قدموا من التضحيات، وإن بقاء المستعمر أو المتآمر على أرضهم هو أمر محال”، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على حجم البطولات التي قدمها أجدادنا في مواجهة المستعمر الفرنسي وحجم خسائره الفادحة التي أجبرته عن إجلاء قواته من أرض سورية.
تمر ذكرى الاستقلال هذا العام في وقت ما تزال فيه منظومة العدوان بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تمعن في عدوانها الهمجي الذي أخذ أشكالا متعددة منها مواصلة نشر الإرهاب عبر دعم التنظيمات الإرهابية، والعدوان المباشر، والعقوبات الاقتصادية الجائرة، وسرقة النفط والمحاصيل الاستراتيجية، وذلك بهدف إخضاع السوريين وتحقيق أطماعها العدوانية، إلا أن أحفاد رجالات الاستقلال الأبطال ممن تربوا على قيم العزة والكرامة واستلهموا من أجدادهم حب الوطن والدفاع عنه أكدوا أنهم يسيرون على خطا الأجداد ولن يسمحوا للأعداء بتحقيق أوهامهم، وما يحققه الجيش العربي السوري اليوم من إنجازات في حربه على الإرهاب وإفشاله لمخططات الأعداء يؤكد أن قيم الجلاء ومعانيه الخالدة متأصلة في وجدان السوريين، وأنه لا تنازل ولا تفريط بأي حق من الحقوق ولا تراجع عن مواصلة هذه الحرب حتى تحرير كل شبر من أرض سورية الحبيبة.
لقد أثبت أبناء جيشنا الباسل بأنهم أوفياء للمعاني والقيم الخالدة التي ورثوها عن أجدادهم الأبطال والتي تشكل اليوم ماضي العزة وحاضر الكرامة، وما يحققونه في الميدان من إنجازات يؤكد أنهم سينتصرون كما انتصر أجدادهم على المستعر الفرنسي وأجبروه على الانسحاب مدحوراً يجر عار الخيبة والفشل والهزيمة، وهم قادرون بما يلقونه من دعم واحتضان من شعبهم الأبي أن يحققوا النصر على قوى الظلام والإرهاب والتكفير وعلى أسيادهم، والتاريخ خير شاهد على انتقال قيم المقاومة والتضحية والفداء من جيل إلى جيل، وأن موعد الجلاء الثاني جلاء الإرهابيين والمرتزقة وداعميهم عن أرض سورية بات قاب قوسين أو أدنى.