الثورة أون لاين – دينا الحمد:
ينتصر السوريون اليوم على منظومة العدوان بقيادة أميركا وحلفائها، ويتجاوزون بصمودهم آثار الحصار الغربي الجائر والظالم ضدهم.. يسطرون ملحمة جديدة من ملاحم الجلاء والتحرير والعزة والكرامة على الإرهاب وداعميه ومشغليه وعلى كل منظومته الشريرة التي تقودها الحكومات العميقة بالغرب وشركاتها الاحتكارية الجشعة وأحزابها وتياراتها المتطرفة.
ومن يقرأ تاريخ السوريين الناصع يدرك جازماً أن انتصاراتهم، التي يحققونها اليوم على هذه المنظومة العدوانية وإرهابييها، والتي يسطر حروفها جيشهم العربي السوري، ليست إلا امتداداً لعهد الكرامة وعهد انتصارات آبائهم وأجدادهم على المستعمر الفرنسي الذي جثم على صدورهم ربع قرن، وارتكب بحقهم الجرائم والمجازر المروعة.
ففي السابع عشر من نيسان عام 1946 تحقق الجلاء العظيم، وأنجز شعبنا العربي السوري حريته ونال استقلاله مع خروج آخر جندي فرنسي محتل من أرضه، وكانت تضحياته وتقديمه لكواكب الشهداء الأبرار السبب الأول في تحقيق تلك الحرية وذاك الاستقلال.
فلم يكن المحتلون الفرنسيون ليخرجوا عن أرضنا لولا تلك التضحيات الكبيرة التي جاءت تحت رايات الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش مروراً بالثورات التي قادها المجاهدون إبراهيم هنانو وصالح العلي وأحمد مريود وحسن الخراط ورفاقهم الثوار على امتداد ساحات الوطن.
من هنا يسجل التاريخ السوري أن السابع عشر من نيسان شكل حالة مفصلية بين مرحلة الانتداب والاحتلال والهيمنة والاستعمار والقهر والظلم التي فرضها المحتلون على شعبنا وبين مرحلة الاستقلال وفرض الهوية والسيادة، ولم تكن المرحلة الثانية لتتحقق لولا المخاض العسير الذي خاضه شعبنا ضد المحتلين وتوّجه في ذاك اليوم الأغر بعنوان الحرية الكاملة.
اليوم وفي ذكرى الجلاء يعيد السوريون سيرة آبائهم وأجدادهم الذين قارعوا المستعمرين الفرنسيين ومن قبلهم العثمانيون، فيضحون بالغالي والنفيس وهم يصدون جحافل الغزاة الأتراك والأميركيين والغربيين الجدد، ويدحرون أدواتهم من الإرهابيين المتطرفين والمرتزقة، ويطهرون أرضهم من رجس القاعدة وداعش والنصرة وقسد وأخواتها وأفراخها من التنظيمات الإرهابية التي تسميها واشنطن “معتدلة”.
اليوم وبعد عقد من الحرب العدوانية الظالمة، والحصار الظالم والجائر يسطر السوريون معاني الجلاء بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فيصونون حريتهم بدمائهم ويحافظون على وحدة أراضيهم بتضحياتهم، ويستمرون بدحر الإرهابيين وقوات المحتلين الغازية بكل ما يملكونه من وسائل قوة، فتمكنوا من الدفاع عن وحدة ترابهم الوطني واستقلال بلدهم وصون قرارها السيادي وحفظ أمنهم في مواجهة الإرهابيين ومشغليهم.
اليوم يورث السوريون لأبنائهم وأحفادهم من الأجيال التالية دلالات الجلاء ومعاني التضحيات الكبيرة، والقدرة على الصمود وتحقيق النصر وإفشال مخططات المستعمرين الجدد، كما فعل أجدادهم في دحر المستعمرين العثمانيين والفرنسيين في الماضي وتحقيق النصر عليهم، وطي صفحة كل ما ألحقه زمن الوصاية والانتداب بهم.
إنها راية الكرامة يحملها الأجداد إلى الأبناء والأحفاد، فيرسخ الأوائل القواعد الشامخة لمدرسة المقاومة ضد المحتلين، ويتلقفها الأحفاد لحفظ استقلالهم وسيادتهم على ترابهم الوطني، وهم يعاهدون أرواح من ضحوا أنهم سيطوون صفحة الإرهاب والاحتلال وسيعيدون إعمار وطنهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
