الثورة أون لاين- فاتن حسن عادله:
ما يزيد على عشر سنوات مرت من زمن الحرب الإرهابية ضد الجمهورية العربية السورية، مارس فيها أمراء الحرب ودعاتها الأميركيون والغرب والصهاينة وأعراب الخليج وأذنابهم وأدواتهم في الداخل من العملاء والمرتزقة، جميع صنوف وأشكال الإرهاب، كي يتمكنوا من النيل من عزيمة وصمود سورية وزحزحة موقعها ومكانتها المحلية والإقليمية والدولية.
هذه الموجات المتتالية من الإرهاب المباشر التي بدأت في 2011م عبر تقديم ادعاءات واهية ومعلومات مضللة، لم تكن سوى بداية الطريق لهذه الهجمة الإرهابية شبه الكونية على الشعب السوري، كمحاولة كبرى للسيطرة على سورية بعد أن فشلت جميع محاولات أعدائها باستمالة قيادتها وجيشها وشعبها للانخراط في مخططات بعيدة عن الوطنية والانتماء الوطني وبعيد عن كل العقائد التي تتمسك بها.
كما كان استهداف سورية عبر هذا الكم الهائل من الإرهاب لعوامل عدة؛ لأنها اختارت المقاومة طريقاً لتحرير الأرض والإنسان بعيداً عن التبعية، وتتمسك باستعادة الجولان السوري المحتل وأراضيها المغتصبة، كما تشكل القضية الفلسطينية سلم أولوياتها لتحرير الأراضي الفلسطينية من المحتل الصهيوني، وتسعى لتحقيق حق العودة للفلسطينيين، والتمسك بالقوانين والشرعية الدولية.
ليس هذا فحسب فسورية تشكل قبل كل شيء قلب العروبة النابض ومركز الإسلام المعتدل، لذلك كانت محاولات التخريب تركز على تشويه هذه الركائز والنيل منها والنخر فيها من الداخل عبر الإسلام السياسي مع مساندة من الخارج، عبر هذا الإرهاب المدمج والمترافق مع حملات واسعة من التضليل الإعلامي والنفسي واستباقها بإشعال الحروب والاقتتال والفوضى في عدد من الدول العربية واتّباع طاقية الإخفاء للوصول إلى الهدف الأساسي وهو سورية، وهذا باعتراف الأميركيين ومنهم هيلاري كلينتون وغيرها، وهذا كله من أجل تحقيق أمن الصهاينة والقضاء على أي مقاومة متنامية ترفض الاحتلال وتسعى إلى زواله، خاصة وأن العدو الصهيوني لا يزال يعيش تداعيات هزيمته في حرب تشرين التحريرية 1973م التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، وما أسست له بعد ذلك من قوة رادعة للصهاينة لا تزال تداعياتها حتى الآن على جميع المستويات، ومنها القفزات النوعية التي حققتها سورية في جميع المجالات بإمكاناتها المحلية وثبات شعبها وتمسكهم بسيادتهم وأرضهم رغم كل الموجات العدوانية التي استهدفتهم، ولتشكل باكتفائها الذاتي وحنكتها السياسية والدبلوماسية قوة صاعدة باستراتيجية بعيدة المدى، منها ربط البحار الخمس، وهذا ما شكل هاجس رعب كبير لدى أعدائها.
من هذه العوامل والمعطيات وغيرها أراد العدو الصهيوني وبدعم أميركي غربي لا محدود تحطيم وتدمير جميع عوامل القوة التي وصلت إليها سورية وتمتعت بها، وتقطيع جميع الخيوط التي أسستها مع قوى كبرى كروسيا والصين وإيران وجميع الدول المقاومة لمشاريع الهيمنة المتجددة، كي تبقى ضعيفة مهزوزة ومقسمة إلى كانتونات متحاربة، وبالتالي استعادة صورته التي هزتها سورية، فدفعت حكامه لمحاولة لملمة ما فشل في تحقيقه وعجز في الوصول إليه، عبر هذا الإرهاب الموجه والمنظم والمدجج بكميات كبيرة من الدعم التسليحي واللوجستي للنيل من سورية مكانة وموقعاً.
ولتحقيق هذه الأهداف العدوانية، مارس المحتل الأميركي جميع أنواع الحصار الخانق السياسي والدبلوماسي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي وتجرد من أي شكل من أشكال الإنسانية أو الأخلاقية عبر سلسلة العقوبات التي ينفذها بحق السوريين متحولاً إلى لص يسرق خيراتهم ويفتك بحياتهم، ويسانده في اللصوصية ذاك المحتل التركي بمتزعمه رجب أردوغان حيث يتبارى ويتماهى مع جوقة العدوان والإرهاب بعد أن لبس ثياب الحمل في بداية تعامله مع سورية، ليكشر فيما بعد عن أنيابه المسمومة بداية الحرب الإرهابية ويتاجر بالسوريين وحياتهم، بانخراطه في المشروع الغربي، ومشاركته بالاعتداءات الصهيونية على المواقع الاستراتيجية والعسكرية للجيش العربي السوري مع سلسلة الإنجازات التي يحققها في تحرير كثير من المناطق السورية من الإرهاب.
رغم هذا الكم الهائل من حملات وموجات الضغوط ورغم الأساليب الالتفافية ووضع العصي في عجلات الحل السوري والألغام في التفاصيل.. إلا أن آلة الإجرام تسعّر من هجماتها العدوانية لأن الفشل يلاحقها وأوراق من يدعمها تتساقط وتحترق.. بينما سورية تنتصر ولم تتخل عن مبادئها بل هي متمسكة بمقاومتها وبكامل حقوقها أكثر من أي وقت مضى

التالي