الملحق الثقافي:شذا نصار *
تلوحُ في الأفقِ نهاية حربٍ طالت، متجاوزة عقداً من الزمن، وإن انتهت فإنَّ ويلاتها بدأت.
مخلَّفاتُ الحرب الجائرة التي خاضتها بلدنا بدون ذنبٍ، ستبقى آثارها عقوداً أخرى، مالم نهرع لترميمِ كلِّ ما حلَّ بها، من دمارٍ وفقرٍ وتشويهٍ للتراثِ وللفكر وللإنسان.
لقد دفعت سورية من دماءِ أبنائها، شلالاً لم يتوقف حتى اليوم، يروي ترابها لتحصد ثمرة تماسكها وبقاء اسمها، على مدى التاريخ.
وما زال كلّ فردٍ فيها يدفع من قوتِ يومه، ثمناً لحربٍ افتُعِلت لكسر عنفوانه، وتمزيق بلده.
يقالُ في الحروب: الخاسر الأكبر هو الحقيقة، ولكنَّ أمثلة تراودني ليدرك كلّ من يبتغي المعرفة الحقّ، أن أيدٍ خفيّة كانت تدير التخريب الممنهج للتراث الذي تميزت به سوريّة.
حادثةٌ تشهد عليها مئذنة الأمويّ في حلب، وكيف تمَّ تدميرها بعد احتلالها، وأفلام الفيديو التي يتحدث فيها إرهابيّ الى أميره، واصفاً له كيف حاول أن يفجِّر المئذنة بالهاون فلم تقع، مما دعاه إلى تفخيخها من قواعدها (لعنه الله) حتى فجَّرها كاملة إلى قطعٍ وأحجار، يجري اليوم لملمتها وترقيمها في مهمَّة صعبة، وغاية في الدقّة، يقوم بها المهندسون «سلمت أيديهم»، بإشرافِ من حفظَ خريطتها الهندسيّة، التي قدَّمها رسالة في كليّة الهندسة، والأمثلة كثيرة على أن غاية من جنّد هؤلاء المأجورين، لم تكن إلا النيل من التراثِ العظيم، الذي يميِّز سورية.
لن ننتظر إغاثة من ساهم في خرابها، ولن نجلس باكين على أطلالها.. سوريّة لن تُعمَّر إلا بأيادي أبنائها المخلصين المحبّين لترابها، الشامخين بعلمها، ولتكن بداية صحيحة للإعمار والترميم، بحيث نتلافى أخطاء من سبقونا، ولا نسكت عن أخطاءٍ جديدة، تودي بجمالِ القديم، بحداثةٍ قبيحة.
السبيل إلى ذلك، أن يستلم القرار في الأمورِ الهندسيّة، خبراء في الترميم، ولدينا منهم أفراد مختصّون، صدّقت على أسمائهم وأعمالهم، منظَّمات دوليّة.. أيضاً، علينا ألا ندع لتجَّارِ الأزماتِ مجالَ الاستفادة من الفرص، على حساب تخطيط المدن، القديمة منها والحديثة، وأن تكون المحافظات والبلديات بأيادي أهلها، المثقَّفين منهم، وليست لمن يتسلَّق المناصب للفوزِ بالمكاسبِ..
الحديث له بقيّة، وفقنا الله للنهوضِ بسوريّة الصامدة والقويّة.
*كاتبة وفنانة تشكيليّة
التاريخ: الثلاثاء11-5-2021
رقم العدد :1045