الملحق الثقافي:يعقوب مراد *
لقد بيّنت الحربُ الكونيّة التي شُنّت على وطننا السوري، بأن هناك سوريين مغتربين، كانوا بمثابةِ سفراءٍ بلا حقيبة، في عالمِ الاغتراب الذي أثبتوا فيه، ومن خلال إيمانهم بأرضهم وشعبهم وجيشهم وقائدهم، بأنهم صورة حضاريّة راقية، تعكسُ حقيقتهم، وتمسّكهم بانتمائهم ووطنيّتهم.. صورةٌ سعوا ومن خلالِ ما دعوا إليه أو شاركوا فيه، من الفعاليات والندوات والمسيرات والاحتفالات واللقاءات، لجعلها تقدّم رسالة الوطن المقاومِة لكلِّ أعداء جماله وثقافته وأصالته، حاملين إياها عبر تنقّلهم في مختلف أنحاء العالم.
هؤلاء كانوا على تواصلٍ دائمٍ ومستمرٍّ مع الوطن، وكانت عيونهم وعقولهم وأفئدتهم، تترقّب كلّ الأحداث والمعارك والتطورات التي تحصل في كلّ مدينة من مدنه، وكل منطقة من مناطقه، وكلّ شارعٍ من شوارعه، وكانت مراهنتهم بحتميّة انتصارِ الجيش السوريّ التاريخيّ، على قطعانِ الإرهاب التكفيريّ القذر، هي اليقين الذي شغل جلساتهم وتحليلاتهم وحواراتهم.
نعم، كان انتصارُ الجيش العربي السوريّ، هو ما راهنوا عليه. ذلك أنهم يعرفونه جيداً، ويعرفون مقدار تضحياته ماضياً وحاضراً.. تواصل بعضهم مع أصدقاءٍ لهم، من أفراد هذا الجيشِ البطل، وعندما سمع مقدار ما لديهم من إرادة وتصميمٍ على دحرِ كلّ من أتاهم بسيفِ حقده وغدره وجهله وكفره، أدركَ أنه من يستمدّ المعنويات القويّة من رجال وطنه، لا من يهبُ هذه المعنويات لهم، سواء في زياراته للوطن، أم عبر اتصاله، أم حتى ندواته ولقاءاته..
انتصرت سورية، وانتصرَ جيشها وقائدها، وانهزمَ المتآمرون والخونة والأعداء، ممن أغاظهم أن تعود للحياةِ كالفينيقِ، وتستعدُّ للاحتفاءِ بقيامةٍ يشرق نور الحياة الكريمة والشريفة منها..
هذا الانتصار، يحتاجُ إلى احتفاءٍ يليقُ به، ويؤكّد للعالم أجمع، أن الحق باقٍ والباطل مندحر.. احتفاءٌ يستعدُّ السوريون لإقامته، في يوم الاستحقاق الرئاسيّ العظيم، وهو الحدثُ الشاغل ليس فقط لأبناء وأصدقاء ومحبّي سورية، بل لأعدائها ممن سقطوا بالتدريج، وعلى مدى الانتصارات التي أعلتْ شأن هذا الوطن، وكتبت بدماءِ شهدائه، أعظم الملاحم الأسطوريّة.
اللافت للنظر، أنه وبالرغمِ من خيانة العديد من الدول العربيّة لسوريّة، وتآمرها عليها مع دولٍ غربية وعالمية، ودعوة الصهيونيّة، للتدخل في شؤونها وقصفها واغتيال عقولها، إلا أن ما يبدو اليوم، اهتمامها بهذا الاستحقاق، واختلافها في الاتفاق على الشخصيّة التي سترشّحها، متناسيّة أنه لا يحقُّ إلا للسوريّ الأصيل، الذي بقي متمسّكاً بأرضه، وواقفاً مع جيشه وقائده وقفة الأبيّ الوفيّ، أن يُقرّر من الذي وقفَ كالطودِ يواجه كلّ وحوش الأرض، من أجلِ كرامةِ وطنٍ، أؤتمن عليه فكانت الأمانة مُصانةٌ وغالية..
كلّ هؤلاء لا يهمنا إن اختلفوا أو اتّفقوا، على الشخصيّة المرشّحة للاستحقاق.. لاتهمّنا علاقاتهم ولا مصالحهم أو توجّهاتهم.. ما يهمّنا، الشعب السوريّ الوطنيّ، صاحبُ الهويّة السوريّة، الخالصة لوجه الوفاء والإخلاص والتمسّك بالوطن. هذا الشعب وحده من يحقّ له أن يختار القائد الذي يعرف مقدار وفائه وحكمته وانتمائه للوطن.
حتماً، سيكون صوته له، ولسيادته، وسيمنحه الثقة التي طالما حملها.. صمدَ وواجه بقوة، تحمّل الكثير، وقدّم التضحيات والشهداء، في سبيل سيادة وكرامة الوطن.
ننتظر الاحتفاء بيومِ الاستحقاق العظيم، وسيأتي قائد هذا الاحتفاء من منزلهِ الذي هو منزلُ كلّ فقيرٍ وشريفٍ وجريح حربٍ أو شهيد.. سيأتي من كلِّ قرى ومدن سوريّة.. من ساحات المعاركِ التي خاضها ولازم رجالاتها.. من قلوبِ الناظرين إلى الوطن شامخاً، لا من صحارى أو فنادقِ ومطاعمِ وعواصمِ الغدر والحقد والخيانة والتبعيّة والإرهاب..
* كاتب وأديبٌ مغترب
التاريخ: الثلاثاء11-5-2021
رقم العدد :1045