القدس بين شموخ المقاومة.. وذلِّ التطبيع

 

الملحق الثقافي:د. سيد حميد رضا عصمتي *

من أجل ألا تُمحى القدس من ذاكرة أبناء الأمَّة العربيّة والإسلاميّة، ومن أجل أن تبقى قضيّتها حيَّة في ضمائرهم ووجدانهم، أصدر “الإمام الخميني” “رضوان الله عليه”، بياناً بعد أشهر معدودة من انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران بتاريخ 7/8/1979/. أعلن فيه عن “يوم القدس العالمي” آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك من كلِّ عام.
ها نحن اليوم بعد /42/ عاماً من إعلان الإمام، حين لم تكن هناك بالمعنى العملي للكلمة حركة مقاومة جديّة ضد الكيان الصهيونيّ الغاشم، نرى أن غرسة المقاومة المباركة هذه، نَمَتْ ونمت لتصبح قوة ضاربة عظيمة تحيط بالكيان الغاصب من كلّ جانبٍ، وتهدّد وجوده وتعمل على مواجهته، وذلك رغم هرولة بعض الأنظمة العربية للتطبيع معه على كافة الصعد، الاقتصاديّة والعسكريّة والإعلاميّة، وحتى الدينيّة منها، عن طريق إيجاد “دين جديد” أطلقوا عليه اسم “الدين الإبراهيمي الجديد!!”. هذا الدين الذي يقوم على ما هو مشترك بين الأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، وحذف ما هو مختلف فيه! أي أن على المسلمين أن يحذفوا من القرآن الكريم، كلّ ما فيه من تنديدٍ ببني إسرائيل، وتأكيده على كون اليهود أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا، وأنهم لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه، كمثل قوله تعالى:
{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ..} (المائدة/82).
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (المائدة 78/79).

وكذلك غيرها الكثير من الآيات القرآنية، التي تشير إلى انحراف بني إسرائيل عن طريق الحقّ، وفسادهم ودونيتهم ضد الآخرين.
كما يجب على المسيحيين أيضاً- بحسب هذا الدين الجديد الذي يروجوّن له – أن يحذفوا الكثير مما ورد في أناجيلهم بخصوص اليهود، على لسان المسيح بن مريم، ونبي الله يحيى عليهما السلام، من نظير وصف نبي الله يحيى بن زكريا (ع) لهم، بأنهم “أولاد الأفاعي” (متى 3: 7) وكذلك وصف عيسى بن مريم لهم، بالوصف نفسه “أولاد الأفاعي” (متى 12: 34)، وكذلك قوله (ع) لهم، بأنهم ليسوا أبناءً لإبراهيم، بل هم أبناء لإبليس (إنجيل يوحنا – الإصحاح الثامن).. وهكذا على الجميع أن يخسر ويتنازل عن عقائده وتراثه، كي يبقى اليهوديّ – الصهيونيّ، هو الرابح الوحيد وسيّد الموقف.
هذه هي نتيجة التطبيع الذي يروج له المطبّعون مع الكيان الصهيونيّ الذي همّه إفساد الشعوب، وأتباع الديانات الأخرى من أجل أن يتمكن من التَسَيُّد عليهم.. لذا، نحن اليوم أمام الاختيار بين ثقافتين متقابلتين:
– ثقافة التطبيع مع العدو الصهيونيّ، وهي الثقافة التي تنتهي بالتبعيّة له وفقدان إرادتنا وحريّتنا وكرامتنا، لنكون طوع إرادة الصهاينة في تنفيذ مخططاتهم الشريرة في المنطقة. المخططات التي تؤدي إلى سيادة هذا الكيان الغاصب على المنطقة بأكملها.
– ثقافة المقاومة ضد ثقافة الهيمنة والتطبيع.
إن ثقافة التطبيع مع العدو الصهيوني، بما تملك من وسائل دعائية وإعلامية هائلة، تهدف إلى مسخِ هويّة الشعوب العربيّة والإسلاميّة، وتحويلها إلى قطعانٍ مسلوبة الإرادة، همُّها عَلَفها تُساق إلى حيث لا تدري ما يُفعل بها.
وفي المقابل هناك ثقافة المقاومة، التي سعت بكلّ جدٍّ وإخلاص، وعلى الرغم من إمكانياتها الإعلاميّة المتواضعة بسبب الحصار المفروض عليها. سعت للحفاظِ على شخصيّة أبناء الأمّة العربيّة والإسلاميّة، حرَّة كريمة عزيزة صاحبة إرادة قوية، تأبى الضيم والذلّ والخضوع لإرادة العدو الصهيونيّ وحماته على مستوى العالم وفي المنطقة، وتعمل على استرداد ما أُخذ منها بالقوة والخيانة والابتزاز..
لذا نقول: لا مجال لتحقيق هذا الهدف المنشود والمشروع، سوى العمل على تفعيل ثقافة المقاومة بكافة أبعادها، الفكريّة والعلميّة والاقتصاديّة والعسكريّة والثقافيّة..
* المستشار الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية

التاريخ: الثلاثاء11-5-2021

رقم العدد :1045

 

آخر الأخبار
التربية تبحث خطط ترميم المدارس في حماة "الغارديان" تنتقد الرواية الإسرائيلية حول تكذيب المجاعة في غزة.. ماذا قالت؟  إعلام أميركي: دبلوماسية ترامب تحقق نتائج ملموسة في "الشرق الأوسط"  The Associated Press: ماذا يعني رفع العقوبات الأميركية عن سوريا؟ نحتاج إلى عملية بناء داخلية.. خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": رفع العقوبات نقطة بدء لمرحلة جديدة   العراق والإمارات: ندعم تحقيق الاستقرار في سوريا ورفع العقوبات يعزز ازدهارها بين المنزل والعمل.. صحفيات يكسرن الصورة النمطية ويحققن التوازن "الهجرة الدولية": سوريا بحاجة ماسة للدعم من أجل تعافيها ما بين "بيت أبو احمد" و" ماكدونالدز".. المساكن المسبقة الصنع تنهي عقوداً من الانتظار الخبير شعبو لـ"الثورة": انخفاض سعر الصرف وهمي لا يسهم بتخفيض الأسعار أهالٍ من طرطوس: بعد رفع العقوبات.. الحلم يتحقق والأمل بمستقبل زاهر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: قريباً.. هيئة للعدالة الانتقالية ومنصة لسوق العمل الدولار يتراقص على إيقاع السياسة جيب المواطن على المحك... هل تنقذنا الليرة؟ الأصول المجمدة.. كيف سيستعيدها المركزي بعد رفع العقوبات؟  مدير نقل دمشق: رفع العقوبات سينهض بالقطاع إلى مستويات جيدة د. أيوب لـ"الثورة": رفع العقوبات خطوة "ذهبية" لاستعادة العافية مرحلة جديدة للشعب السوري.. المحامي حميدو لـ"الثورة": ينعش الآمال المعيشية "رحلة انتصار"... رسائل توثق الذاكرة السورية زينة الرجال الأغبياء ... أبرياء يدفعون ثمن الرصاص الطائش.. إزالة الأنقاض وفتح الطرقات بريف حماة