الثورة أون لاين – د. ذوالفقار علي عبود:
للمرة الثانية خلال الحرب، تنجح الدولة السورية في تنظيم الانتخابات الرئاسية، وقد شكل قرار القيادة السورية بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ضربة قوية للدول الغربية المعادية التي استبقت نتائج الانتخابات بإعلان عدم شرعيتها وعدم الاعتراف بنتائجها قبل أن تبدأ.
مرت عشر سنوات والدول الغربية المعادية تحاول إفشال وإسقاط الدولة وإشاعة حالة من عدم الاستقرار والفوضى وصولاً إلى حالة من الفراغ السياسي بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي تمهيداً لتدخل أممي مخطط له، ضمن سيناريو يضمن تحقيق المصالح الغربية.
فلقد استبقت الدول الغربية المعادية الانتخابات الرئاسية السورية بإجراءات عدائية تمثلت في تجريد سورية من حقوقها في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بناء على تقارير كاذبة ومفبركة، والتحضير لهجمات إرهابية في عدة مناطق سورية عشية الانتخابات بهدف ضرب الحالة الأمنية والمناخ السياسي والاجتماعي.
ولا يخفى على أحد أن الدول الغربية المعادية تسعى لإفشال الاستحقاق الدستوري السوري لتحقيق أهداف عدة، منها فرض حالة فراغ دستوري وسياسي، إطالة أمد الحرب لمنع الدولة السورية من البدء بتحرير المناطق المحتلة من قبل قوات الاحتلالين الأميركي والتركي وأدواتهما من الفصائل المسلحة الإرهابية والانفصالية، والربط بين إجراء الانتخابات وملف التسوية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، رغم أن القرار لا يربط بين المسألتين، ورغم أن محاولات الربط تتعارض مع مبدأ السيادات المتساوية للدول وتتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي يؤكد على عدم جواز تدخل الدول ذات السيادة بشؤون بعضها الداخلية.
فالشرعية السياسية للانتخابات الرئاسية السورية هي شأن داخلي سوري، ومن يمنح هذه الشرعية هو الشعب السوري عبر صناديق الاقتراع، وما يحدد هذه الشرعية هو مدى انسجام الانتخابات الرئاسية مع الدستور السوري وليس مع مصالح الدول الغربية المعادية.
كما أن التدخلات الغربية ومحاولات التأثير على الاستحقاق الدستوري هي بمثابة نزع للأهلية السياسية عن الشعب السوري وفرض نوع من الوصاية على هذا الشعب.
والرفض الغربي لنتائج الانتخابات هو حلقة في سلسلة المحاولات المتكررة لإسقاط الدولة السورية من خلال إسقاط شرعيتها ومن خلال العبث بوحدتها الجغرافية ومن خلال منعها من ممارسة سيادتها على أرضها وشعبها، وفرض سلطة وصائية لا شرعية، وقد حاولت ذلك مراراً عبر اختراع هيئات وائتلافات مصنعة في مخابر المخابرات الغربية وعلى مقاس مصالحها.
الدول الغربية المعادية تريد مصادرة القرار السيادي للشعب السوري وانتهاك مبدأ سيادة الشعب ومبدأ أن الشعب هو مصدر السلطات كلها وحق الشعب السوري في إنتاج سلطة سياسية تعبر عن مصالحه الوطنية.
لقد قامت الدولة السورية بكل ما يضمن شرعية الانتخابات الرئاسية لناحية دستوريتها، فهناك أكثر من مرشح لمنصب رئيس الجمهورية وصناديق الاقتراع هي الحكم وفي هذا تجسيد للديمقراطية الحقيقية.
المحاولات الغربية لعرقلة الانتخابات الرئاسية تتم من خلال الربط بينها وبين لجنة مناقشة الدستور في جنيف المكلفة بمناقشة تعديل الدستور رغم أن الدستور الحالي اجتاز الاستفتاء الشعبي بنجاح، وذلك بهدف تغيير النظام السياسي السوري، فالمسألة لا تتعلق بشخص السيد الرئيس بشار الأسد بل بتغيير تركيبة الدولة وتحويل النظام السياسي السوري من نظام رئاسي قوي إلى نظام برلماني تتقلص فيه صلاحيات رئيس الدولة وتتصارع فيه القوى السياسية على السلطة، ومعلوم أن تقويض صلاحيات رئيس الدولة يدخل البلاد في مرحلة عدم استقرار سياسي وبالتالي عدم استقرار اجتماعي وأمني واقتصادي، إضافة إلى الهدف الخطير وهو تحويل مؤسسة الجيش العربي السوري إلى مؤسسة متعددة الولاءات وتحويلها إلى مؤسسة ضعيفة خدمة للمصالح المعادية ولا سيما الصهيونية.
إذاً، الدول الغربية المعادية تريد تحويل سورية إلى دولة تتصارع فيها القوى السياسية من منطلق الأكثريات والأقليات والتي تتضمن قوى ذات توجهات خارجية غير وطنية وخاصة بعد عشر سنوات من الحرب ظهرت فيها طبقة من أمراء الحرب والفساد ولذلك سورية تحتاج إلى رئيس قوي وقرار مركزي يقود حملة مكافحة الفساد وإعادة الإعمار واستعادة المناطق المحتلة ومواجهة الأطماع الإسرائيلية والتركية والانفصالية وهذه المواجهة هي حق يضمنه القانون الدولي.
إن الدول الغربية المعادية التي تشكك في شرعية الانتخابات هي نفسها الدول التي تحاصر الشعب السوري وتجوعه، وتسرق ثرواته من نفط وقمح، وهي نفسها الدول التي أدخلت وسلحت ودربت الإرهابيين وتحارب الشعب السوري في لقمة عيشه فتمنع توريدات النفط والمواد الغذائية بهدف صرف أنظار الشعب عن حربه ضد الإرهاب والاحتلال وإشغاله بلقمة عيشه وتحميل الحكومة السورية مسؤولية نقص المواد الأساسية.
#سورية_تنتخب2021