الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
فيما يبدو وكأنه محاولة من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال الاحتلالية بنيامين نتنياهو للتخلص من أزمته الداخلية بعد فشله في تشكيل الحكومة الجديدة وانتهاء المهلة القانونية لتكليفه، وشروع رئيس حزب ما يسمى “يوجد مستقبل” يائير لبيد بهذه المهمة بتكليف من رئيس الكيان رؤوفين ريفلين، تواصل حكومة الاحتلال جرائمها ومجازرها بحق الشعب الفلسطيني عبر استهدافها للمدنيين في قطاع غزة المحاصر بوابل من الغارات الجوية التي أوقعت حتى الآن وفق مصادر صحية في القطاع 83 شهيداً بينهم 17 طفلًا و6 نساء ونحو 487 جريحاً.
فرئيس حكومة الكيان الملاحق بدعاوى قضائية بسبب اتهامات فساد وخيانة أمانة والمهدد بالسجن في حال إدانته، يريد تصدير أزمته بأي اتجاه، وقد وجد في الساحة الفلسطينية بغيته، بعد أن فشلت محاولاته تصدير هذه الأزمة باتجاه سورية وإيران بعد سلسلة من الأعمال العدوانية والتخريبية والاغتيالات ومحاولات التصعيد بملف إيران النووي، فعلى وقع محاولات تهجير أهالي حي الشيخ جراح المقدسي من بيوتهم الشهر الماضي بدأ أبناء القدس وإخوتهم في باقي الأرض المحتلة انتفاضة جديدة رفضاً لإجراءات سلطات الاحتلال غير القانونية بحق الحي المقدسي، فانهال عليهم جنود الاحتلال المدججين بالسلاح ووسائل القتل المختلفة بمؤازرة قطعان المستوطنين عنفاً وقمعاً واعتقالاً وتقتيلاً، بحيث لم يسلم المصلون في المسجد الأقصى من محاولات المستوطنين الاعتداء عليهم ومحاصرتهم داخل الحرم القدسي وانتهاك حرمة المسجد، حيث دارت معركة غير متكافئة بين جيش الاحتلال والمستوطنين وأبناء القدس، وقع على إثرها عدد من الشهداء والجرحى.
المقاومة الفلسطينية هددت الاحتلال بالرد على جرائمه واعتداءاته بحق أبناء القدس ودعته للتوقف عن إجراءاته القمعية بحقهم، ولكن هذه الدعوة لم تلق صدى عند رئيس الحكومة المأزوم، فهدد بالمزيد من تهجير الفلسطينيين من أرضهم وبناء المستوطنات، ودعا العالم للكف عن مطالبة حكومته العنصرية بالتوقف عن مشاريع “البناء” في القدس المحتلة، ما اضطر المقاومة للدخول على خط الانتفاضة دعماً لنضال أبناء القدس العزل من أي سلاح سوى الإرادة والحجارة، ودفاعاً عن حرمة المسجد الأقصى الذي انتهكته قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين اليمينيين المتطرفين.
ومع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة استشهد عدد من أبناء القطاع اختناقاً بعد استنشاقهم غازات سامة أطلقها جيش الاحتلال على غزة، وفق ما ذكرت مصادر طبية في القطاع، حيث ذكرت المصادر الطبية أن هناك مؤشرات ظاهرة على جثامين الضحايا تؤكد اختناقهم، مشيرة إلى أنه تم أخذ عينات لاستكمال الفحوصات والتأكد من سبب الوفاة بشكل دقيق.
في غضون ذلك، صدرت تعليمات من جيش الاحتلال للمستوطنين في بلدات غلاف غزة بالدخول إلى الملاجئ فوراً، وسط أنباء تتحدث عن تسلل مقاومين فلسطينيين من شمال القطاع باتجاه المستوطنات الصهيونية المحاذية للقطاع.
وقال وزير شؤون المستوطنات الإسرائيلية تساحي هنغبي: “ليس لدينا استعداد حتى للنظر في وقف إطلاق النار، خطتنا الهجومية تسير على قدم وساق ولن ندخل في أي حوار”.
ويأتي هذا التطور وسط استمرار القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي بشكل مكثف على مناطق عدة في قطاع غزة، لا سيما في شمالي القطاع حيث ارتكبت بالأمس مجزرة جديدة في حي الشجاعية، كما حشد جيش الاحتلال قواته على حدود القطاع على نية التوغل أو القيام بمناورة عسكرية برية داخل القطاع.
وبينما يتواصل التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد أهالي غزة أمطرت الفصائل الفلسطينية المدن والبلدات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والمواقع الصهيونية بعشرات القذائف والصواريخ، في رد مبرر على جرائم الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتحدث جيش الاحتلال عن إطلاق نحو 1500 صاروخ من القطاع على مختلف تلك المدن منذ بدء التصعيد العسكري الاثنين الماضي.
في حين تواصلت الغارات الإسرائيلية على أهداف مختلفة في القطاع المحاصر، الذي يقطنه قرابة مليوني شخص، واستهدفت مراكز مدنية وأبراج سكنية في حين ادعى الاحتلال أنه استهدف مراكز لحماس وقيادات لها.
وفيما تستمر الغارات الإسرائيلية بشكل جنوني مستهدفة المدنيين والبنية التحتية في القطاع المحاصر دون أي أفق للتهدئة، تتواصل الدعوات الدولية لوقف هذا التصعيد من أجل التوصل إلى تهدئة، غير أن الأمور آخذة بالتدحرج أكثر نحو المزيد من التصعيد والعنف، في ظل محاولات نتنياهو الخروج من أزمته وحشد اليمين الصهيوني مرة جديدة إلى جانبه، لتشكيل الحكومة القادمة أو الذهاب نحو انتخابات خامسة، وإفشال محاولات منافسيه إزاحته من المشهد السياسي.
هذا وقد امتد العنف والتصعيد إلى عدد من البلدات العربية في أراضي 48، في ظاهرة لم تشهدها هذه المناطق منذ سنوات طويلة في مؤشر جديد على عمق الأزمة التي يعانيها كيان الاحتلال، حيث أثبتت أحداث القدس أن هذه القضية لا يمكن أن تطوى أو تموت بالتقادم، فالفلسطينيون متمسكون بحقوقهم وأرضهم ومقدساتهم مهما كانت الأثمان والتكاليف والتضحيات، وإن الاحتلال إلى زوال عاجلاً أم آجلاً.