الثورة أون لاين – دينا الحمد:
منذ اليوم الأول للحرب العدوانية على سورية وحتى يومنا الحاضر لم تتوقف واشنطن وأدواتها لحظة واحدة عن تسييس عمل المنظمات الدولية وكتابة تقاريرها وبياناتها وقراراتها كما تشتهي أجنداتها الاستعمارية، وكان نصيب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأكبر من بين هذه المنظمات والمؤسسات الدولية، إلى جانب منظمة حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي، وكانت المنظمة المذكورة أداة طيعة بيد البيت الأبيض و”السي آي إيه” وكان خبراؤها خير من ينفذ الأجندات والأوامر الأميركية.
وإذا حاولنا إحصاء المحطات التي قامت بها واشنطن وأدواتها بتسييس عمل “حظر الكيميائية” حول سورية فسنجدها لا تعد ولا تحصى، وكلنا يذكر كيف قدمت واشنطن وعواصم العدوان على سورية مشروع قرار فرنسي غربي إلى الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في منظمة الحظر منذ شهرين، وكيف ملأته بالأكاذيب مثل عدم الامتثال المزعوم من قبل الحكومة السورية لقرارات المنظمة المذكورة في محاولة لإدانة سورية واتخاذ الأمر ذريعة للعدوان عليها.
وكلنا يذكر كيف حاولت تلك العواصم اختراع الأكاذيب حول استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل سورية، والتي لا تستند إلى أي أدلة علمية ولا إلى أي وثائق حقيقية، وكيف استغلت سطوتها على اجتماعات حظر الكيميائية المتكررة لتسوق تلك الأكاذيب وتسيس عمل هذه المنظمة الدولية، وكيف جعلت تقارير التنظيمات الإرهابية المفبركة وفي مقدمتها تقارير منظمة الخوذ البيضاء الإرهابية ومسرحياتها عنواناً لتقارير منظمة الحظر، وبالمقابل كيف تجاهلت المنظمة نفسها التقارير الروسية التي أكدت تزوير تقارير منظمة الحظر وتغيير مضامينها كما تريد الولايات المتحدة وأدواتها.
ورأينا منظومة العدوان أيضاً وهي تتجاهل مراراً وتكراراً أن سورية انضمت إلى اتفاقية الحظر عام 2013 وأنها عملت مع المنظمة بكل جد ومصداقية وشفافية لتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب انضمامها الذي أثمر عن تدمير كامل مخزونها من الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها.
وهناك عشرات الأدلة على هذا الاستهداف المبرمج لسورية، ويكفي أن نشير هنا إلى القرار غير المسبوق الذي اتخذه مؤتمر الدول الأطراف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ضد سورية أواخر نيسان الماضي، الذي كان دليلاً واضحاً على حجم التلاعب والتسييس والضغوط التي تمارسها تلك الدول داخل المنظمة التي تحولت من منظمة فنية إلى أداة غربية وأميركية تحديداً كما ذكرنا.
أما الدليل الآخر فهو قيام منظومة العدوان بتجاهل استخدام التنظيمات الإرهابية للأسلحة الكيميائية ضد السوريين غير مرة خلال الحرب العدوانية، لا بل وقيامها أيضاً بحرف انتباه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والأطراف في اتفاقية الحظر عن مواجهة مثل هذا التهديد الإرهابي الكيميائي، وممارستها في الوقت ذاته الضغط على فرق التحقيق المختلفة داخل المنظمة لفرض أجنداتها الاستعمارية وحملها على القيام بأنشطتها بشكل مخالف لطرائق العمل المنصوص عليها في الاتفاقية ووثيقة الشروط المرجعية.
وإذا حاولنا تعداد الأدلة على تورط الغرب بتسييس عمل هذه المنظمة فسنحتاج إلى مجلدات، ولا تكفي هذه الأسطر لتبيانها، ولكن يكفي أن نكرر هنا تساءل مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الجوهري حول إصرار الأمانة الفنية للمنظمة على صم آذانها عن الملاحظات الجوهرية والاستفسارات المحقة التي قدمتها سورية وروسيا إلى جانب شخصيات مهمة وخبراء متخصصين وأكاديميين مرموقين غير مرة، فهذا الأمر وحده كفيل بفضح أميركا وأدواتها وفضح الدور الذي ارتضت أن تقوم به منظمة حظر الأسلحة الكيمائية خدمة لواشنطن وأجنداتها ومخططاتها الاستعمارية.