الثورة أون لاين – رشا سلوم:
كثيرة هي المجموعات الشعرية التي تحمل بصمة الإبداع من عنوانها المتوثب، إيحاءات ثرة لا يمكن أن تغادرها دون الوقوف طويلاً عند دلالة العنوان اولاً..
مجموعة عتاب ميشيل لباد التي حملت عنوان اختزلني فاض عني الكثير .. من تلك التي نتحدث عنها بدلالات الثراء اللغوي والمعنى.
كيف يختزل الإنسان آخر.. بل كيف يختزل الحبيب حبيبه.. أبقارورة عطر أم وردة ام قبلة.
هل يذهب إلى أن يختزله بقصيدة .. ريما يكون كذلك .. ولكن لماذا فاض هذا الكثير … بل ما هو الكثير الذي فاض عن الشاعرة .. أهو الأمل الألم الحب الخيبة مواعيد اللقاءات.. حلم امم يقظة… لا يهمنا أن نحدد المعنى بل لا يجب علينا أن نفعل ذلك .. فما هو في مدار المسافات البعيدة بهياً غير ممسوك أشف وأنقى من لحظة النور المبهر للحظات.
في ثنايا المجموعة تبوح الشاعرة بالحلم باليقين بالسراب باللغة التي اتخذتها بساط ريح لتروي أحلام يقظة أحلام عمر وانكسارات.
في النص الذي حمل رقم ٢١ تقول:
ألفت عنك ثلاث قصص
يوم التقيتك .. يوم قتلتني.. ويوم موتك. كل قصصي عنك كاذبة لم أنعرفك يوماً… وما التقيتك .. أنت حلم راودني حين كنت ثملة.. وكذبة أتقنتها .. حتى أسلي رصيفاً كان وحيداً مثلي.
تصنع شهرزادها وتروي للرصيف في كل نص حلماً سراباً.. حقل ورد من لغة الأقحوان … بل تسعى لأن تنهي قصتها تقول .. أريد رصاصة تليق برأسي الجميل .. لا كتلك التي خرجت منك.
أما وقد كان الحبيب خارج سرب الحياة لا يرى منها شيئاً فهي توقظه ببيدر الشوك.
الذين جلسوا معك على العشاء..
رحلوا .. لم يبق غير الكؤوس الفارغة
وغطاء متسخ كان أحمر..
وقط ينهش بقايا جسدك وقلبك المطحون..
صار طعاماً للعصافير.
والشاعرة كثيرة كثيرة حتى تصبح حقل قمح لغيرها..
أنا الغريب.. أنا المملوك بذكريات غيري
منها .. عاشقان تخاصما.. لأجل امرأة عابرة .. جدة أحدهم ماتت واقفة كشجرة .. الكثير من الأطفال.. بعضهم مات بحرب لا تعنيهم..
وبعضهم يلعب كرة القدم..
أنا الغريب من أنا..؟
أنا…أطفال غيري..
جدات غيري..
موت غيري..
وألف عاشق مر ولم أكن أعنيه.
المجموعة تحمل وعداً بشاعرة تعرف كيف تسوق السؤال ليكون سراباً والحلم سراب لغوي يحمل دهشة المعنى..
بقي أن نشير إلى أن المجموعة صادرة عن دار سين بدمشق هذا العام وتقع في ١٠٠ صفحة.