الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
لم تظهر القمة الروسية – الأمريكية التي عقدت قبل أيام في جنيف، وجمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن دلائل واضحة على ذوبان الجليد في العلاقات بين موسكو وواشنطن بسبب ما أظهره بايدن من تشدد حول القضايا الخلافية والشائكة بين البلدين.
وصحيح أن القمة كانت بناءة وفق الرئيس بوتين إلا أنها لم تنه الخلافات حول أبرز القضايا لاسيما مسألة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل والبرنامج النووي الإيراني وقضايا المنطقة.
وكانت العلاقات بين روسيا وأمريكا قد تدهورت عقب أحداث شبه جزيرة القرم وأوكرانيا عام 2014، أدى إلى سحب السفيرين لكلا البلدين.
وعلى الرغم مما أبداه بايدن أمام الرئيس بوتين من تعهدات حول حل تلك القضايا، إلا أنها تبقى تعهدات ما لم تجد طريقها نحو التنفيذ والعمل.
يبقى أن نشير إلى أن القمة تزامنت مع مرور مناسبة الذكرى الـ80 لاندلاع الحرب التي سجلت الانتصار الكاسح على النازية البغيضة التي جلبت الكوارث الإنسانية والبيئية لدول العالم نتيجة انفراد تيار النازية بتوجيه العالم نحو حربين عالميتين دفعت روسيا وأوروبا والعالم وحتى ألمانيا (مقر النازية ) ودول المحور التي انضمت إليها أثمانا باهظة وغالية لايزال العالم يعاني من تبعاتها حتى اليوم.
فالحركة النازية وكذلك الحركة الصهيونية تسببتا في مشكلات وجراح ثخينة ومزمنة لم تستطع البشرية أن تتخلص منها.
لذلك جاءت القمة لتذكر أصحاب النهج الانفرادي المهيمن على العالم من مخاطر إتباع ذلك، وأنه سيعود على صاحبه بالضرر قبل الآخرين من المستهدفين وستؤدي إلى كوارث تصيب تداعياتها الجميع في العالم.
وقد أبرزت القمة أهمية التعاون بين القوى الكبرى ودول العالم صغيرها وكبيرها لحل المشكلات العالقة بينها، والخروج من المآزق التي صنعتها أميركا في عهد إدارة ترامب، والتي يؤمل من إدارة بايدن أن تأخذ العبر والدروس لما حصل مع الإدارة الأمريكية السابقة التي كادت تدخل العالم في حرب عالمية ثالثة.
لقد ترافقت القمة مع مؤشرات ضعف وانكسار للولايات المتحدة وحلفائها وعدم امتلاكهم استراتيجية واضحة تجاه الصين وروسيا الصاعدتين بقوة على المسرح العالمي.
لقد تأكد للجميع أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية لا تعير أي اهتمام للقيم والمثل الإنسانية ولا للعلاقات الدولية، بل تتبع أسلوباً استفزازياً وقحاً، يبدأ بنسف العهود والاتفاقات، ولا ينتهي بالمجاهرة بالعداء والتهديد والوعيد وكيل الشتائم، وهي سياسة تتناقض أفعالها مع أقوالها ووعودها، حيث تخطت حدود اللياقة الأدبية واللياقة الدبلوماسية السياسية حين سبق لبايدن أن وصف الرئيس بوتين بـ “القاتل”، فأي سلام أو تهدئة يسعى إليها بايدن من وراء القمة؟.. إنه أراد نسف أي محاولة وإمكانية لإزاحة الغيوم الداكنة في سماء العلاقات الروسية الأميركية وهو أمر استمر عليه الرؤساء الأمريكيون بإتباع هذا النهج.
على أي حال ما أكدته القمة أن روسيا وحلفاءها باتوا أقوى من ذي قبل وأصبح وزنهم السياسي في مواجهة السياسات الأمريكية أقوى وأكثر قدرة على تغيير الواقع ومواجهة سياسات العقوبات والحصار، وحروب تغيير الأنظمة بالقوة العسكرية بالاعتماد على قوى التطرف والإرهاب، فجبهة المقاومة تتسع، وصمودها يزداد صلابة بوجه سياسة الغطرسة الأميركية، فهل يأخذ بايدن العبر؟!.