الثورة أون لاين – رشا سلوم:
مازالت الدراسات الأدبية والنقدية وتلك التي تبحث وراء انتحار أرنست همنغواي، تقدم كل يوم جديداً حول فريضة الانتحار، هل تنتحر هو، أم تم نحره وسوقه إلى حتفه، لاسيما إنه كان الصوت العالمي النقي في الادب الاميركي الذي قاوم طغيان وجبروت الهيمنة الاميركية، فضح ممارسات المخابرات المركزية الاميركية، وكل ما تقوم به واشنطن في العالم من جرائم وموبقات، تمر هذه الأيام ذكرى ولادته وانتحاره، ولابد من التذكير ببعض محطات حياته التي كانت رحلة كفاح مستمرة، انتهت بدفعه إلى الانتحار، يقول موقع مجلة المنال:
ولد إرنست ميلار همنغوي في الحادي والعشرين من شهر تموز عام 1899، وهو كاتب أمريكي يعد من أهم الروائيين وكتاب القصة، كتب الروايات والقصص القصيرة، حيث غلبت عليه النظرة السوداوية للعالم في البداية، ثم ما لبث أن عاد ليجدد أفكاره فعمل على تمجيد القوة النفسية لعقل الإنسان في رواياته، وغالباً ما تصور أعماله هذه القوة وهي تتحدى القوى الطبيعية الأخرى في صراع ثنائي وفي جو من العزلة والانطوائية، وقد شارك في الحرب العالمية الأولى والثانيه حيث خدم على سفينه حربيه أمريكيه كانت مهمتها إغراق الغواصات الألمانية، وحصل في كل منهما على أوسمة حيث أثرت الحرب في كتابات هيمنغواي وروايته.
كان والد همنغوي طبيباً مولعاً بالصيد والتاريخ الطبيعي، أما والدته فقد كانت متزمتة ذات اهتمام بالموسيقا، وفي سن مبكرة عام 1909 اشترى له أبوه بندقية صيد، أصبحت فيما بعد رفيقة عمره إلى أن قتلته منتحراُ عام 1961.
دخل همينغوي معترك الحياة المهنية مبكراً، حيث عمل صحفياً بجريدة “كنساس ستار” ثم متطوعاً للصليب الأحمر الإيطالي 1918م في أواخر الحرب العالمية الأولى، وهناك أصيب بجروح خطرة أقعدته شهوراً في المستشفى، وخضع جرّاءها لعمليات جراحية كثيرة، وقد تحصَّل إثر جروحه على رتبة ملازم مع نوط شجاعة.
عام 1921 عمل مراسلاً لصحيفة “تورنتو ستار” في شيكاغو، ثم هاجر إلى باريس 1922م، حيث عمل مراسلاً أيضاً، وأجرى مقابلات مع كبار الشخصيات والأدباء مثل كليمانصو وموسوليني الذي وصفه بأنه (متمسكن وهو أكبر متبجح أوروبي في نفس الوقت)، كما تعرَّف على أدباء فرنسا حين كانت الحركة الثقافية الفرنسية في العشرينيات تعيش عصرها الذهبي.
بداية النجاح عام 1923 حين نشر أولى مجموعاته القصصية وهي (ثلاث قصص وعشرة أناشيد)، لكن أول عمل لفت انتباه الجمهور من أعمال همينغواي جاء في العام 1926 وهو (الشمس تشرق أيضا) التي لاقت نجاحاً منقطع النظير، وقد شجعه هذا النجاح على نشر مجموعة قصص عام 1927 هي “الرجل العازب”، وإثر عودته 1923م لفلوريدا حيث عائلته، انتحر والده بإطلاقه طلقة في الرأس، وفي العام 1929 عاد مع زوجته بولين بفيفر إلى أوروبا حيث نشر واحداً من أهم أعماله وهو (وداعا أيها السلاح)، وقد نجح هذا العمل، وحول إلى مسرحية وفيلم بسرعة مذهلة.
استمر التألق والإبداع وواصل همينغواي ترسيخ اسمه بعمل أدبي جديد ومتميز، فنشر عام 1932 (وفاة في العشية)، وبدأ همينغواي منذ 1933 يتردد باستمرار على كوبا، وفيها كتب عمله (الفائز يخرج صفر اليدين)، ثم توقف عن النشر حتى 1935م لتظهر (روابي إفريقيا الخضراء) عن رحلة قادته لشرق القارة لصيد الطرائد البرية وهي هوايته منذ الصبا.
ما بين عامي 1936 و 1938 عمل مراسلاً حربياً لتغطية الحرب الأهلية الأسبانية، وقد سمحت له هذه المهمة بالتعبير عن عدائه الشديد للفاشية الصاعدة آنذاك، بل دخل الحرب ضد النازيين والفاشيين، ودخلت أيضا معه زوجته الثالثة مارتاجيلهورن مراسلة على الجبهة الروسية ـ الصينية 1940م، وكانت هذه السنة علامة فارقة في أدب همينغواي حيث نشر (لمن تقرع الأجراس) لتحقق نجاحاً خارقاً وتتجاوز مبيعاتها المليون نسخة في السنة الأولى لنشرها، ونال عن حقوق الفيلم المأخوذ عنها 150 ألف دولار وكان رقماً قياسياً وقتذاك.
لقد عكس أدب همينغواي تجاربه الشخصية في الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الاهلية الإسبانية. وتميز أسلوبه بالبساطة والجمل القصيرة، حيث ترك بصمتة على الأدب الأمريكي الذي صار همينغواي واحداً من أهم أعمدته، فشخصيات همينغواي دائما أبطال يتحملون المصاعب دونما شكوى أو ألم، وتعكس هذه الشخصيات طبيعة همينغواي الشخصية.
* ضد التيار
لم يلتزم «هيمنغواي» قيم الطبقة البورجوازية، بل عاش حياة بوهيمية مستجيباً لشهوة الحياة لديه، فعاقر الخمرة وعاش مع الماجنين، واتخذ له أصدقاء من الطبقة الشعبية، ولم يقم وزناً للمال، فقد عرف عنه سماحة النفس والتبذير، لكنه عرف كيف يلتمس السُبل للكسب، فلم يكن اندماجه بالمجتمعات التي عاش فيها محض دفاع عن القيم التي آمن بها، بل عرف كيف يوجّه هذا التوحّد مع الآخرين لخدمة ذاته، فجنى الشهرة والمال والشعبية العالمية الواسعة، على ما في طبعه من فظاظة وخشونة وتضخم في (الأنا) وعنف وتسرع، وقد أطلق العنان لحياته العاطفية مع المرأة، فكان يفتخر بأنه توصل إلى كل امرأة اشتهاها، وتزوج أربع مرات، ولم تسلم المرأة من خشونة طبعه ومزاجيته، كما لم يسلم أصدقاؤه من شراسته، وقلة اهتمامه بالأناقة والنظافة، ونال أقرانه من الأدباء نصيباً من نزقه، وكثيراً ما كان الصحفيون الذي يجرون مقابلات معه، يتلقون صفعات مهينة من تسفيه لأسئلتهم التي يوجهونها إليه، وكان ينعت أمه وزوجته الثالثة بالشراسة والاستبداد
في آخر حياته انتقل همينغواي للعيش في منزل بكوبا، حيث بدأ يعانى من اضطرابات عقلية، وحاول الانتحار في ربيع عام 1961، وتلقى العلاج بالصدمات الكهربائية، وبعد حوالي ثلاثة أسابيع من إكماله الثانية والستين من العمر، وضع حداً لحياته بإطلاق الرصاص على رأسه من بندقيته صباح يوم الثاني من تموز و عام 1961 في منزله، وقد حمَّل همينغواي العلاجَ بالصدمات الكهربائية مسؤولية تدميره نفسياً بسبب فقدانه للكثير من ذكرياته.
من أبرز أعماله الأدبية، ثلاث قصص وعشر قصائد (قصص قصيرة) 1923، في وقتنا (قصص قصيرة) 1925، سيول الربيع (رواية) 1926، الشمس تشرق أيضاً (رواية) 1926، رجال بلا نساء (قصص قصيرة)، وداعا للسلاح. (رواية) 1929، الطابور الخامس (قصص قصيرة) 1930، الموت بعد الظهر (رواية) 1932، الفائز لا ينال شيئاً (قصص قصيرة) 1933، تلال أفريقيا الخضراء (رواية) 1935
أن تملك والا تملك (رواية) 1937، لمن تقرع الأجراس (رواية) 1940، رجال عند الحرب 1942، عبر النهر نحو الأشجار (رواية) 1950، الشيخ والبحر (رواية) 1952، ثلوج كلمنجارو، القتلة، وليمة متنقلة (رواية نشرت بعد موته) 1964، جزائر في النهير (رواية نشرت بعد موته) 1970، قصص نك آدامز (نشرت بعد موته) 1972