الثورة – حسين روماني:
أعلن مجلس نقابة الفنانين السوريين فتح باب الاختبارات للدورة الجديدة الممتدة بين عامي ٢٠٢٥-٢٠٢٦، محدداً السادس من أيلول موعداً لانطلاقها، جاء الإعلان ليعيد الاعتبار لفكرة الانفتاح على جميع الاختصاصات الفنية، وليؤكد أن النقابة تتجه إلى سياسة أكثر شمولاً، تستوعب المواهب من مختلف الأعمار والخلفيات، في الداخل والشتات.
استقبلت النقابة الطلبات بإجراءات مبسطة، بدأت عملية تقديم الطلبات مطلع تموز واستمرت حتى منتصف الشهر، ضمن أجواء تنظيمية مرنة، قلّصت التعقيدات الإدارية التي لطالما اشتكى منها الفنانون، وأتاح هذا التنظيم للمتقدمين فرصة كافية للاستعداد، كما أضفى على المشهد طابعاً جدياً يليق بمؤسسة يفترض أن ترعى الفن وتدافع عن حقوق العاملين فيه.
نطاق واسع من الاختصاصات
غطّت المسابقة طيفاً واسعاً من المهن الفنية، لم يقتصر الأمر على التمثيل والإخراج، بل امتد ليشمل “سكريبت، تصوير درامي، إضاءة وديكور، تصميم أزياء، منتج فني، مونتاج، دوبلاج، وخدع سينمائية، إضافة إلى المهن الموسيقية”.
هذا التنوع جسّد رؤية النقابة في اعتبار كل تفصيل داخل العملية الفنية مكوّناً أساسياً لا يقل أهمية عن دور الممثل أو المخرج.
ألغى المجلس شرط السن الذي كان يحدد عمر المتقدم بأربعين عاماً كحد أقصى، القرار حمل دلالات رمزية كبيرة، إذ أكد أن الفن ليس حكراً على الشباب فقط، بل هو مساحة مفتوحة أمام كل من يملك الموهبة والرغبة، بهذا التغيير، تحررت النقابة من واحدة من أكثر القيود جدلاً، لتمنح الأمل لفنانين طالما شعروا أن قطار النقابة قد فاتهم.

لجان مختصة
اعتمدت النقابة لجاناً مهنية تضم خبراء من داخل المجلس وخارجه، وتولّى نائب النقيب الأستاذ صلاح طعمة رئاسة لجنة اختبار المهن الدرامية، وشارك إلى جانبه عميد المعهد العالي للفنون المسرحية سابقاً ومدير الإضاءة والتصوير الأستاذ عمار الحامض، وكذلك مدير الإنتاج الأستاذ عبد الرزاق حوراني.
جرت المقابلات بشكل مباشر مع المتقدمين الذين لا يملكون شهادات أكاديمية، ما أتاح التحقق من القدرات العملية.
هؤلاء حازوا عضوية “متمرّن” مؤقتة، تتحول لاحقاً إلى عضوية كاملة بعد استيفاء الشروط، هكذا عزّزت النقابة مبدأ التدرّج في العضوية، وربطت الاعتراف الرسمي بجهد وتجربة لا بمجرد أوراق.

المتقدمون
أكّد المخرج طارق سواح، أحد المتقدمين لاختبارات النقابة، في تصريح لصحيفة الثورة أنّ التجربة حملت طابعاً مختلفاً تماماً عمّا اعتاده الفنانون في السنوات الماضية، وقال: يستحق القائمون على النقابة واللجنة كل الشكر، فمنذ لحظة الاستقبال لمسنا رقياً في التعامل، وأخلاقاً عالية، ووجوها بشوشة تجعل المتقدم يدخل إلى الامتحان وهو مطمئن.
وأضاف: وجود الأساتذة صلاح طعمة، وعمار الحامض، وعبد الرزاق حوراني، منح الامتحان قيمة خاصة، فهم شيوخ المهنة، وعندما يحضرون في أي عمل ندرك أنّه عمل جاد ومهم.
طرحوا علينا أسئلة احترافية وموضوعية، بعيدة عن التعجيز، ونادونا بكلمة “زملائنا”، وهذه بادرة بالغة الدلالة، لأنّ المجالس السابقة كانت تضع نفسها في موقع أعلى من الناس، ولا تعترف بقيمة أحد، اليوم الوضع مختلف، الجميع يريدنا أن نكون نقابيين بحق، وطريقة التعاطي تكشف الموهبة وتؤكد المهنية، في إطار تقدير واحترام للمتقدم.
خطوة تجاه إصلاح شامل
النقيب مازن الناطور أوضح في تصريحاته: “الفن لا يرتبط بسن محدد، بل على العكس، كلما تقدّم الفنان في العمر، زادت أدواته ونضجت تجربته”.
وشدد على أن المسابقة تشكّل “فرصة حقيقية لأبناء سوريا داخل الوطن وخارجه”، معتبراً أن النقابة أخيراً بدأت تسير في مسار يساوي بين الجميع، ويركز على الموهبة لا على الشروط الشكلية.
خلقت هذه الإجراءات مناخاً إيجابياً يعكس نية الإصلاح داخل النقابة، تمثّل ذلك في كسر البيروقراطية، واعتماد لجان متخصصة، وإلغاء التمييز العمري، تلك الخطوات وضعت المؤسسة أمام مسؤولية جديدة، تحويل الاختبارات إلى منصة حقيقية لإنتاج جيل جديد من الفنانين السوريين، قادر على المنافسة والإضافة، بدل أن تكون مجرد إجراء شكلي.
أعادت اختبارات نقابة الفنانين السوريين الاعتبار إلى قيم العدالة والتجديد، فألغت القيود العمرية، وسهّلت الإجراءات، ووسّعت الاختصاصات، مع وجود لجنة يرأسها صلاح طعمة إلى جانب عمار الحامض وعبد الرزاق حوراني، وبدعم من النقيب مازن الناطور ورؤيته المنفتحة، وبشهادة المتقدمين مثل طارق سواح، بدا المشهد وكأنه بداية مرحلة جديدة، تستعيد الفن من حدود البيروقراطية لتضعه في قلب الحياة الثقافية، حيث يليق به أن يكون.