الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع يوم التاسع من تموز على تمديد معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر، وكجزء من الاتفاقية، يحتاج الأمين العام للأمم المتحدة إلى تقديم تقارير منتظمة حول ما يحدث مع وصول المساعدات إلى المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما الخطأ الذي يمكن أن يحدث في المساعدات الإنسانية؟.
كانت هناك العديد من هذه القصص، سواء كانت قصيرة أو طويلة، والتي جوهرها في وسائل الإعلام الغربية هو أن باب الهوى يجب أن يظل مفتوحاً لأسباب إنسانية، وبدأت العديد من المقالات تنتقد روسيا أو أي دولة أخرى مثل الصين التي قد تصوت لمنع تجديد تصريح الأمم المتحدة لعبور الحدود.
هناك حقائق مهمة عادة ما تغفلها وسائل الإعلام الغربية أو حتى أنها تشوهها، فيما يلي بعض الأسباب التي تمنع تجديد معبر باب الهوى.
فالمساعدات تدعم نسخة تنظيم القاعدة في سورية، وهي ما تسمى “هيئة تحرير الشام”، الذين يسيطرون على المنطقة على الجانب السوري من المعبر.. إنهم الإرهابيون الأجانب والمتطرفون المتشددون الذين غزوا إدلب من جهة تركيا في عام 2015، بالإضافة إلى أولئك الذين غادروا حلب ومدناً أخرى عندما هزم الجيش السوري المسلحين.. حتى إذا فتشت الأمم المتحدة جميع الشاحنات المتجهة إلى محافظة إدلب في شمال سورية، فإن الشاحنات تخضع في النهاية لسيطرة هيئة تحرير الشام (التي كانت تُعرف سابقاً باسم جبهة النصرة).
وآلية إدخال المساعدات كانت تدعم بشكل فعال تقسيم سورية، فمحافظة إدلب مازال يسيطر عليها المسلحون الذين يسعون إلى الانفصال بشكل دائم عن سورية.. إنهم يحاولون تتريك المنطقة من خلال الترويج للغة التركية واستخدام العملة التركية.
كانت الآلية تنتهك ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أن جميع الدول الأعضاء يجب أن تمتنع عن تهديد السلامة الإقليمية لدولة عضو أخرى.. تركيا والولايات المتحدة الأمريكية هما أكبر المنتهكين، حيث إن قواتهما العسكرية تحتلان بشكل غير قانوني الأراضي السورية.. لكن من العار أن تكون الأمم المتحدة متواطئة من خلال السماح لها بتقديم المساعدة للمنطقة التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة.
هذه الآلية التي كانت سائدة شمال غرب سورية تعمل على إطالة أمد الأزمة بدلاً من المساعدة في إنهائها، ومن الواضح أنه بعد الفشل في الإطاحة بالحكومة السورية عسكرياُ، تستخدم القوى الغربية الآن وسائل أخرى لمهاجمة دمشق، حيث يواصلون التدخل في الشؤون الداخلية لسورية.. فقد قاموا، بقيادة واشنطن بحصار سورية اقتصادياً بينما كانوا يقدمون الدعم إلى المنطقة التي تسيطر عليها “النصرة”.
المساعدة الغربية للمنطقة التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة تصرف الانتباه عن الألم والضرر والدمار الذي تسببت فيه العقوبات الأمريكية والأوروبية لمعظم السوريين، فقد كان لعقوبات قيصر، التي فرضتها واشنطن وسط جائحة Covid19 ، تأثير رهيب، فمن خلال حظر البنك المركزي السوري وجعل التجارة مع سورية شبه مستحيلة، قوضت العقوبات الأمريكية العملة السورية فزادت أسعار العديد من السلع بنسبة 4 و 5 وحتى 10 مرات، ومثلها مثل رجل العصابات تسرق الولايات المتحدة علانية النفط والقمح من شرق سورية، وتهاجم الشبكة الكهربائية من خلال حظر قطع الغيار أو الهندسة أو البناء لإصلاح أو إعادة بناء محطات الطاقة، كما تحظر عقوبات “قيصر” دعم أي شيء متعلق بالحكومة بما في ذلك المدارس والمستشفيات.
ووفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في كانون الأول 2020 ، فإن الإجراءات القسرية أحادية الجانب مثل قانون “قيصر” غير قانونية وتنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وحقوق الإنسان، ولكن وبسبب الهيمنة الاقتصادية العالمية لأميركا، ما تزال سارية المفعول، وتطالب واشنطن بمنع أي دولة أو شركة أو فرد من دعم سورية أو التجارة معها، وهذا ما يجعل ادعاءات الولايات المتحدة بشأن القلق الإنساني على الشعب السوري مثيرة للسخرية.
آلية الغرب عبر باب الهوى تمييزية وتؤدي إلى تقسيم البلاد، قبل الحرب كان عدد سكان محافظة إدلب 1.5 مليون نسمة، والعدد اليوم أقل بكثير، فقد تم تهجير الكثير من السكان عندما سيطر المسلحون على المنطقة، وفرّ البعض إلى تركيا، والبعض الآخر إلى محافظة اللاذقية، كما اختار بعض مسلحي” المعارضة” وأنصارهم الذهاب إلى إدلب بدلاً من المصالحة مع الحكومة.
كما يتم رشوة المدنيين في شمال غرب سورية فعلياً للعيش هناك من خلال المدفوعات النقدية، أو عبر الإغاثة.. حيث تنقل ألف شاحنة شهرياُ المساعدات إلى شمال غرب سورية.
وفي المقابل، هناك ما بين 14 و 17 مليون سوري يعيشون في أماكن أخرى في سورية، إنهم يتلقون القليل من المساعدات، إن وجدت، وبدلاً من ذلك، فإنهم يتحملون وطأة الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تتخذها الولايات المتحدة.
يجب توزيع المساعدات على المدنيين في سورية بشكل عادل ومتناسب، يمكن القيام بذلك من خلال المراقبة أو الإشراف من قبل وكالة دولية محترمة مثل الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر، وتماشياً مع ميثاق الأمم المتحدة، يجب على الدول الغربية احترام الاستقلال السياسي للحكومة السورية ووقف تدخلها المستمر في شؤونها الداخلية.
المساعدات الإنسانية هي تجارة كبيرة وتم تسليحها سياسياً، في حين أن هناك العديد من الأشخاص ذوي النيات الحسنة يعملون بجد، إلا أن هناك أجندات سياسية تسيطر على الموقف.
المصدر:
Greanville Post