الثورة أون لاين – دينا الحمد:
الخطاب الشامل الذي ألقاه السيد الرئيس بشار الأسد بعد أداء القسم أفرد مساحة واسعة للحديث عن الانتماء الوطني والوعي وركز على أهمية القيم التي يستحيل الاستقرار في أي دولة بدونها، نظراً لأهمية هذه المسلمات في بناء الأوطان وحياة الشعوب.
من هنا رأينا الرئيس الأسد، وهو يتحدث عن هذه القضايا الهامة والمصطلحات القيمة، رأيناه يغوص في أعماقها، ويضع من خلال الاستناد عليها منهاج عمل شامل للمرحلة القادمة من تاريخ سورية، منهاج عمل شامل يطوي كل صفحات الاحتلال والإرهاب والعدوان والحصار، منهاجاً يتضمن الأفكار العميقة التي توصف الواقع الاقتصادي وتعطي العلاج لمشكلاته، وتوصف الإرهاب والاحتلال وتعطي طريقة دحره بالمقاومة الشعبية والإرادة الحرة.
بهذه الرؤية العميقة التي أكدها الرئيس الأسد في خطابه، وبهذا التوصيف الدقيق الذي ينطلق من الوعي والانتماء الوطني الشريف، يستطيع السوريون مواجهة احتلال الغرب الاستعماري لأراضيهم، ومواجهة خططه المشبوهة، وأجنداته التدميرية، ومواجهة أطماعه، ومواجهة إرهابييه ومرتزقته وميليشياته الانفصالية، وتنظيماته الإرهابية المتطرفة.
بهذه الرؤية العميقة التي أكدها الرئيس الأسد في خطابه رأيناه يشرح ويستفيض في الحديث عن تفاصيل التمسك بعروبتنا وبعقيدتنا الوسطية المتنورة وفكرنا الحضاري الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، لأن أمواج القوى الاستعمارية مستمرة ولا تتوقف عن ضرب تلك العقائد وضرب بنية مجتمعاتنا الفكرية ورموزها، وضرب العروبة بمفهومها الحضاري العميق.
وبالرؤية العميقة ذاتها وصف الرئيس الأسد كيف انتصر السوريون على الحصار والإرهاب والاحتلال، فبوعيهم وإرادتهم الحرة صمدوا وبذلوا الغالي والنفيس وضحوا وانتصروا، وهزموا بشجاعتهم كل مشاريع العدوان والإرهاب والاحتلال، رغم أن الأحداث والتطورات كانت كثيرة وخطيرة وأرخت بظلالها على الأوضاع في سورية والمنطقة والعالم، ورغم أن إرهاب منظومة العدوان بحق السوريين كان هو المشهد الطاغي على اللوحة بكل تفاصيلها، من العدوانات العسكرية الأميركية والإسرائيلية والتركية المباشرة إلى نهب الثروات وتدمير المدن والقرى والمزارع، رغم ذلك كله انتصر السوريون ودحروا الإرهاب وأفشلوا العدوان وفرضوا معادلاتهم في الميدانين العسكري والسياسي.
ورغم أن الإرهاب الاقتصادي وعنوانه العريض ما يسمى “قانون قيصر” الإرهابي ومعه الإجراءات القسرية الغربية أحادية الجانب ضد سورية كانت تريد تجويع السوريين وتركيعهم إلا أنهم تجاوزوا كل محطاتها الجائرة، ورغم أن محاولات واشنطن كانت ترمي إلى فرض دستور عليهم من خلال لجنة مناقشة الدستور وبشكل يتماهى مع أجنداتها الاستعمارية فإن السوريين فرضوا معادلاتهم وأنجزوا استحقاقاتهم الدستورية ومنعوا منظومة العدوان من فرض دساتيرها ورؤاها.
ورغم أن منظومة العدوان بقيادة واشنطن وأدواتها قد لعبت كل ألاعيبها في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفي مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي وحاولت جعلها مطايا لتحقيق أجنداتها المشبوهة في سورية إلا أن الدولة السورية ومعها أصدقاءها وحلفاءها تمكنوا من إصدار القرارات التي تكبح عدوانيتها وآخرها القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول المساعدات الإنسانية والمعابر غير الشرعية، والذي لم يأت على هوى تلك المنظومة العدوانية ومقاسات أطماعها ومخططاتها.
بالوعي والانتماء أنجز الشعب السوري كل الانتصارات الميدانية والسياسية وفرض المعادلات والتحولات، وصان الأمانة وحفظ العهد، وجسد الانتماء في أسمى معانيه، والوحدة الوطنية في أبهى صورها، وأثبت للعالم أن سورية عصية على الاختراق أو الاحتراق.
بالوعي الوطني وبالانتماء الصادق اللذين استفاض الرئيس الأسد في شرحهما، كونها خط الدفاع الوطني الذي يحصن مجتمعنا من أصحاب أجندات الغزاة، انتصر شعبنا على العدوان والإرهاب والحصار، وسيكمل مسيرة التحرير ودحر الإرهاب والغزاة بالعزيمة ذاتها التي جعلته صامداً أكثر من عقد من الزمن بوجه أشرس حرب إرهابية عرفتها الشعوب.