«دمشق».. الحبُّ الحقيقيّ في حياة “نزار قباني”

الملحق الثقافي:محمد خالد الخضر :

في الكثيرِ من المحافلِ الثقافيّة، تكثرُ القناعات التي ترى، أنّ في حياة الشّاعر “نزار قباني” أكثر من حالةٍ عاطفيّة، وهذا خلاف للمنطقِ البنائيّ الذي يكشفه شعر “نزار”، فهو شاعرُ وصفٍ من الطراز المهم، وقليل جداً ما تظهر عواطفه في كتابته عن المرأة.. لكن، واقع الشّعر عنده يبيّن أن دمشق فقط، هي حبّه الكبير والأزليّ، وهي الساكنة قلبه بثباتٍ، وعقله بوفاءٍ، ودمه أيضاً، وهو ما دلّت عليه القصيدة التي خاطب فيها فتاة في الأندلس:
“سارَتْ معي والشَّعرُ يَلهثُ خلفَها/ كسنابلٍ تُركتْ بغيرِ حصادِ/ هل أنتِ إسبانيّةٌ ساءلتُها/ قالت: وفي غرناطةٍ ميلادي/ ودمشقُ، أين تكون؟ قلتُ ترينها: في شَعركِ المنسَاب نهرَ سوادِ/ .. في طِيبِ جنَّاتِ العَريفِ ومائِها/ في الفلِّ، في الرَيحانِ في الكبّادِ”..
لاشكّ أنه وصف، فيه الكثير من الإبداع والتصوير الجماليّ، والتشكيل الفنيّ المميّز، وقد كان سبب هذا، ظهور دمشق وتخييل الشّعر الذي دلّه على وجود الشّام، في جمال المرأة الذي يراها رمز العروبة، ويحسّها مآله وروحه، ويختتم بواقعٍ أكثر دقّة في إثباتِ الحالة، حتى أنه يرى فيه، تاريخ العرب المجيد:
“ودّعتُ فيها عندما عانقتها/ رجلاً يسمّى طارق بن زياد”.
إن هذا الأنموذج الشعريّ، يبدو مكرّراً، وإن كان التصوير مختلفاً نظراً للثقافة التي يمتلكها “قباني”، ونظراً لسعة اطّلاعه ومعرفته، بالمدن والبلدان التي صقلت موهبته، وجعلته متمكناً من التحكّم في تكوين الصورة، وهذا يبدو أيضاً، في قصيدته “ترصيع بالذهب على سيفٍ دمشقيّ”:
“أتُراها تُحبُّني ميسونُ/ أم توهَّمتُ والنساءُ ظنونُ؟/ يا بنة العمِّ والهوى أمويّ/ كيف أُخفي الهوى، وكيف أُبينُ/..
إلى قوله: “يا دمشقُ التي تفشّى شذاها/ تحت جلدي كأنّهُ الزيزفونُ”.
لا يخفى على الإنسان، وسواء المثقّف المبّدع، أو سواه، أن الحبّ يتجاوز الوصف، وتظهر العاطفة بصدقٍ، ودون أن يقصد الشاعر الذي يزيّن ثقافته وخياله بهذا الحبّ، وعبرَ تشكيلاتٍ موجودة في ذاكرته وخياله، وضمن بناءِ فنيّة النص، ويدلُّ على هذا قول “قباني”:
“فرشتُ فوقَ ثراكِ الطّاهرِ الهُدبا/ فيا دمشقُ.. لماذا نبدأُ العتبا/ حبيبتي أنتِ.. فاستلقي كأغنيةٍ/ على ذراعي، ولا تستوضحي السَببا/ يا شام إن جراحي لا ضفافَ لها/ فمسِّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا”.
يبدو هنا بوح العشق واضحاً، ويستخدم خلال حركة الحدث البنيويّ المتحوّل، التوازن الموضوعيّ، في الإمساك بعاطفةِ المتلقّي، ليأخذه إلى ما يريد، فالحبّ يدفع الشّاعر إلى استعادة ذكرياته مع حبيبته، وإلى استرجاع ماضيه، ولو في قصيدة:
“وأرجِعيني إلى أسوارِ مدرستي/ وأرجِعي الحبرَ والطبشورَ والكُتبا”.
نرى أيضاً، بأن ما يقوله “نزار” عندما يتباهى بالحبّ، ويتكلّم عن الهوى:
“إني الدمشقيُّ الذي احترفَ الهوى/ فاخضوضرتْ لغنائهِ الأعشاب”.
أخيراً نقول: ثمّة دلالات منهجيّة، تدلُّ على أن حبّ دمشق، كان هو الغالب في حياة “قباني”، وربما لعبت الغربة دوراً، وجعلت أغلب ما كتبه للمرأة، يغلب عليه الوصف، وإن تغزّل فيها، فلأنه يرى فيها دمشق.

التاريخ: الثلاثاء20-7-2021

رقم العدد :1055

 

آخر الأخبار
ليس مشروع إعمار فقط   بل إعلان عودة التاريخ العربي من بوابة دمشق  تسهيل لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة بدير الزور تعزيز الطاقة المتجددة والربط الكهربائي في زيارة الوزير البشير لمحطة سدير السعودي سوريا تطلق خطة طموحة لإعادة هيكلة قطاع الطيران وتطوير مطار المزة كمركز للطيران الخاص تعديلات جديدة على النظام الانتخابي ومجلس الشعب القادم بـ210 مقاعد اتفاقية استراتيجية بين سوريا والسعودية لتعزيز التعاون في الطاقة وفتح آفاق التكامل الإقليمي نقطة طبية في جدل بدرعا لخدمة المهجرين من السويداء 1490 مريضاً استقبلتهم العيادة الأذنية في مستشفى الجولان الوطني تأهيل مدرسة سلطان باشا الأطرش في حلب قرار حريص على سلامة الطلاب..  تأجيل امتحانات الثانوية في السويداء  عشرة أيام وحارة "الشعلة" في حي الزهور بلا مياه .. والمؤسسة ترد  الأردن يجدد التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة و استقرار سوريا   مظاهرة حاشدة في باريس تنديداً بالعدوان الإسرائيلي ورفض التقسيم إزالة 32 مخالفة تعدٍّ على خطوط مياه الشرب في درعا "الجبهة الوطنية العربية" تقدم مساعدات طبية إسعافية لصحة درعا وزير الإعلام من حلب: إعادة هيكلة الإعلام الحكومي.. وعودة الصحافة الورقية منتصف أيلول  خطة عاجلة لتأمين الاحتياجات الأساسية بدرعا للمهجرين من السويداء متابعة الخدمات الصحية المقدمة في المركز الطبي بقطنا صحيفة الرياض: استعادة سوريا لمكانتها العربية ضرورة وليس خياراً مناشدات لتخفيض أسعار الأعلاف بعيداً عن تحكم التجار.. الشهاب لـ"الثورة": نعمل على ضخ كميات كبيرة في ا...