الثورة أون لاين – دينا الحمد:
“الوعي الشعبي الوطني هو حصننا، هو الذي يزيل الغشاوة عن العيون عندما ننظر لمستقبلنا، هو المعيار الذي نقيس به مدى قوتنا وقدرتنا على تحدي ومواجهة وهزيمة كل الصعاب به نميز ما بين الثوابت كالوطن والشعب وما بين المتغيرات كالأشخاص والظروف”.. بهذه الرؤية العميقة يشخص السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم حقائق الواقع الذي يحيط بشعبنا ومجتمعنا.
وبهذه الرؤية العميقة يميز سيادته ما بين المصطلحات الحقيقية والوهمية، ما بين العمالة والمعارضة، وما بين الثورة والإرهاب، والخيانة والوطنية، وإصلاح الداخل وتسليم الوطن للخارج، بين النزاع والعدوان، بين الحرب الأهلية والحرب الوجودية دفاعاً عن الوطن فلا مناطق رمادية بين تلك المفاهيم بل خطوط شديدة الوضوح دقيقة الحدود ولا يخلط بينها إلا قصير نظر أو قاصر رؤية.
فالسوريون بدولتهم ومؤسساتهم وجيشهم الباسل، وبصمودهم وتضحياتهم، وبوعيهم وإرادتهم وعزيمتهم، كانت لديهم القدرة الفائقة على التمييز بين الوهم والحقيقة، فتمكنوا استناداً على ذلك من عزل السم عن العسل، وتمكنوا بناء على ذلك من تحويل حدث دستوري إلى عمل سياسي وطني استراتيجي حمل ونشر رسائل كبرى عن الإجماع الوطني والتجانس الاجتماعي والتمسك بسيادتنا وحقوقنا.
هذه المقدرة والقدرة على التمييز بين الوهم والحقيقة مكنت السوريين ودولتهم من مواجهة أعتى قوى الاستعمار والغطرسة، ومكنتهم من دحر أشرس التنظيمات الإرهابية المتطرفة القادمة من الكهوف، ومكنتهم من فهم مخططات المعتدين وأجنداتهم الاستعمارية والانتصار عليها، ومكنتهم من الالتفاف على حصار أميركا وما أسمته “قانون قيصر” ومن قهر إجراءات الغرب القسرية أحادية الجانب وعقوباته الظالمة الجائرة.
وهذه المقدرة والقدرة على التمييز بين الوهم والحقيقة مكنت السوريين أيضاً من تحديد مسارات العدوان وجعلتهم أكثر قدرة على مواجهتها وتخفيف أضرارها، ومن هنا انتصر السوريون على الحصار وعلى العدوان التركي الأميركي الإسرائيلي، ودحروا الإرهاب، وحرروا أرضهم، ومن هنا تمكنوا من التشبث بأرضهم رغم نهب ثرواتهم وتدمير مؤسساتهم وسرقة نفطهم وإغلاق مدارسهم في الشمال والجزيرة.
والقضية هنا ليست فقط بأن السوريين امتلكوا القدرة على الصمود بل إن الرئيس الأسد يستطرد أكثر في فهم مغزى هذه الحالة وهذه المقدرة معتبراً أنها لم تأت ولا تأتي من فراغ أو من عدم، بل إنها تنطلق من ثوابت وتستند إلى مسلمات والمسلمات هي بدائه متفق عليها بين أفراد الشعب، والبدائه هي البديهيات باللغة المتداولة الشائعة، وهذه المسلمات هي المرجعيات التي ننطلق منها في الحكم على الأمور فوجودها يوحد الآراء والأحكام تجاه قضية ما وغيابها يشتت الآراء ويجعل تلك الأحكام خاضعة للأهواء الشخصية ولمقدار فهم كل شخص على حدة فيحل الانقسام محل الإجماع والتناقض محل الانسجام ويتفرق الناس ويضعف المجتمع، هذا ما لمسناه في بداية الحرب بشكل واضح وجلي لدى جزء من مجتمعنا أي غياب المسلمات.
وهذه المقدرة والقدرة على التمييز بين الوهم والحقيقة تتطلب منا ليس الوقوف على أطلال الماضي بل التمهيد للبناء والإعمار، فلا يمكن أن نحل مشكلة دون أن نحلل أسبابها، ولا يمكن -كما يقول الرئيس الأسد- أن نقف اليوم ونحن نتحدث عن مرحلة قادمة ومرحلة مقبلة ونحن لم نحلل مراحل سابقة، ولا يمكن أن نطلب من مسؤول أن يتحدث عن المستقبل من خلال رؤياه ومن خلال فهمه لهذا المستقبل وهو لم يفهم المراحل السابقة.. وباختصار صمد السوريون وانتصروا وعيونهم يجب أن ترنو إلى المستقبل والنهوض من تحت الرماد ومن يملك القدرة على إنجاز كل ما ذكرناه سينجح في بناء مستقبله نجاحاً كبيراً.