الثورة اون لاين – ترجمة غادة سلامة:
يقول فيديريكو ريوس لصحيفة نيويورك تابمز: أصبح تصدير الجنود صناعة واسعة في كولومبيا، تغذيها الحرب الطويلة التي تدعمها الولايات المتحدة في البلاد ، والفرص المحدودة في الداخل.
في كل عام يتقاعد 10000 جندي، معظمهم يتقاضون معاشات تقاعدية صغيرة وتعليمهم قليل وخبرتهم محدودة للعمل في الحياة المدنية.
هذا ويحاول المحققون البحث عن العقل المدبر وراء توظيف أكثر من 20 جنديًا كولومبيًا سابقًا في مهمة انتهت باغتيال الرئيس الهايتي جوفينيل مويس في تموز الماضي، مما أدى إلى إغراق الدولة “الجزيرة المضطربة” بالفعل في أزمة.
لكن على بعد 1000 ميل في كولومبيا، أدى اعتقال 18 من هؤلاء المحاربين القدامى في بورت أوبرنس إلى فتح نقاش حول الطريقة التي تعاملت بها كولومبيا مع جنودها السابقين، الذين هم نتاج صراع أهلي استمر 73 عامًا، وأنشأت فيه ثاني أكبر جيش في أمريكا اللاتينية.
ففي كل عام يتقاعد عشرة آلاف جندي من تلك الحرب، وفقًا لوزارة الدفاع الكولومبية، لكن معظمهم من الجنود العاديين الذين يغادرون بمعاشات تقاعدية قليلة، وقليل من التعليم – نسبة كبيرة منهم أميون – وذوي خبرة محدودة في الحياة المدنية. ومع قلة الفرص في الداخل، سعى الآلاف منهم للعمل في الخارج، وعلى مدار العقد الماضي أصبح الجنود الكولومبيون السابقون مشاركين مهمين في صناعة المرتزقة العالمية المتنامية والقليلة التنظيم، حيث توظفهم الشركات والحكومات للقيام بأعمال عنف.
يقول الخبراء إن أعدادهم الهائلة وخبراتهم واستعدادهم للعمل مقابل أجر ضئيل نسبيًا، جعلتهم ذات قيمة فريدة لشركات التوظيف في جميع أنحاء العالم.
ويقول إيزياس سواتش، 44 عاماً، وهو قائد كوماندوز سابق ورئيس اتحاد قدامى المحاربين الكولومبيين: “نحن آلات الحرب، وهذا ما تدربنا عليه”.. “نحن لا نعرف على ماذا نختلف”.. ويتابع سواتش، الكوماندوز السابق الذي يقود جمعية محاربين لقدامى كولومبيين: “الطبقة الحاكمة ليست لديها أي فكرة عن حياتنا، ومشاكلنا.
ما حدث بالفعل في هايتي لا يزال غير واضح، تقول زوجة الرئيس الهايتي المقتول، التي أصيبت خلال عملية الاغتيال لصحيفة نيويورك تايمز إن قتلة زوجها يتحدثون الإسبانية، لكن ما زال من غير الواضح عدد الجنود السابقين الذين شاركوا في عملية الاغتيال.
لأن التحقيقات في هايتي عانت من مخالفات وانتهاكات للإجراءات القانونية، مما ترك الكثير من الناس في كولومبيا قلقين من أن الحقيقة لن تُعرف أبدًا، وقد صور المسؤولون الكولومبيون قرارات الجنود بالسفر إلى هايتي كخيارات فردية لها عواقب مأساوية. قال وزير الدفاع دييغو مولانو في مقابلة: إن الافتقار إلى الفرص في الداخل “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ذريعة لارتكاب نشاط إجرامي” لكن في الأسابيع التي تلت الاغتيال طالب قدامى المحاربين الكولومبيين البلاد بإعادة النظر في كيفية تعاملها مع جنودها وفحص سبب اختيار الكثير للسفر إلى الخارج بعد خدمتهم.
يقول بعض المحاربين القدامى وخبراء الأمن إن استياء الجنود يفتح نافذة أمام الممثلين المشبوهين الذين يريدون توظيفهم، مما قد يهدد الأمن العالمي.. وعلى الرغم من اتفاق السلام المبرم عام 2016 بين الحكومة الكولومبية وأكبر جماعة متمردة في البلاد، لا يظهر الصراع أي بوادر على الانتهاء، وإذا لم تتحسن الفرص في الداخل، يحذر بعض المحاربين القدامى، من توجيه هؤلاء الرجال مباشرة إلى صناعة المرتزقة العالمية الشرهة بشكل متزايد التي تغذيها الولايات المتحدة والتي لديها القدرة على إطلاق المزيد من عمليات زعزعة الاستقرار في جميع أنحاء العالم.
يقول راؤول موس، 50 عاماً، وهو رئيس جمعية كولومبية أخرى للمحاربين القدامى: “ادعمونا” حتى يهتم الناس بمستقبلنا”.
لقد اشتعل الصراع في كولومبيا باغتيال مرشح رئاسي يساري في عام 1948. وبمرور الوقت تحول الصراع إلى حرب معقدة بين الحكومة والمتمردين اليساريين والقوات شبه العسكرية اليمينية ومنظمات تهريب المخدرات، وكل هذا وذاك تم طبعا برعاية وحماية أميركية ، وخلال كل ذلك الوقت تلقى المتمردون مليارات الدولارات كدعم عسكري من الولايات المتحدة.
بقلم اناتولي كورماناييف
المصدر: نيويورك تايمز