الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
منذ أن بدأ الانسحاب الأمريكي في مايو أيار الفائت من هذا العام 2021، استولت “طالبان” على أكثر من نصف المقاطعات الأفغانية البالغ عددها 400 مقاطعة. وعلى مدار الشهر الماضي، كانت قندهار ثاني أكبر مدينة في أفغانستان تحت حصار مقاتلي طالبان، وكانت الولايات المتحدة قد أخلت مواقعها لصالح طالبان، فالتقدم الكبير لطالبان وإعادة سيطرتها على المدن الأفغانية الواحدة تلو الأخرى لا يمكن تفسيره، إلا أن الولايات المتحدة أعطتها الضوء الأخضر، وحاولت قوات الأمن صدهم مع سقوط عواصم إقليمية أخرى في أماكن أخرى، بما في ذلك قندوز، أكبر مدينة تحت سيطرة طالبان.
ففي الأيام الأربعة الماضية وحدها، استولت طالبان على ست مدن أفغانية، وفتحت فصلاً دموياً جديداً في الحرب، وهي – أي حركة طالبان الإرهابية – تعمل الآن وتحشد مقاتليها للاستيلاء على قندهار، والحكومة يائسة حيال الدفاع عن قندهار، رمز نفوذ الدولة والمركز الاقتصادي الضروري للتجارة من وإلى باكستان عبر نقاط التفتيش والجسور والطرق السريعة.
كان أبناء وبنات السيد محمد يصرخون مرعوبين كلما بدأ إطلاق النار، ولكن الآن أصبح العنف روتينياً، وقد فرّ العديد من جيرانهم بالفعل إلى مناطق أكثر أمناً في المدينة.
لكن السيد محمد اختار البقاء حتى الآن في منزله، فهو ليس لديه مكان آخر يذهب إليه.
وقال السيد محمد وأبناؤه من حوله، وهم يتسكعون في ظل متجر يملكه: “إذا غادرت بيتي، فسأعيش في الشارع”، ولكن مع صوت الرصاص والقنابل والهجمات الصاروخية وإطلاق النار، فهو يعلم أن عائلته ستضطر إلى المغادرة إذا اقترب القصف، سيكونون قادرين على قضاء بضع ليالٍ على الأكثر في منزل أقاربه الضيق بالفعل قبل أن ينتهي بهم الأمر في مخيمات اللاجئين التي نشأت حول المدينة، وهي موجودة في أرض قاحلة، خالية من الماء والطعام الكافي، وشديدة الحرارة.
يقول أحد الشبان الأفغانيين ويدعى سليمان شاه: عندما اقترب القتال وأصبح أكثر ضراوة، هربت من منزلي مع زوجتي وابني البالغ من العمر أشهر، ووجدت ملاذاً في مخيم للاجئين بالقرب من المطار في الجزء الشرقي من قندهار بعيداً عن الخطوط الأمامية، حيث أعيش الآن داخل خيمة مصنوعة من قماش القنب والأوشحة المربوطة ببعضها البعض، ويعيش سليمان شاه الآن بين وشاح من قماش القنب مع عائلته في أحد مخيمات اللاجئين العديدة المنتشرة الآن في جميع أنحاء المدينة.
كل يوم ينتظر في طابور المياه التي يتم صرفها من خزان فضي لا يتم إعادة تعبئته بشكل متكرر، وهو بعيد عن أن يكون كافياً لسكان المخيم البالغ عددهم حوالي 5000 شخص، والذين يتعين عليهم تحمل درجات حرارة تتخطى الأربعين درجة والوقوف لساعات طويلة من أجل قطرات من الماء تبقيه وعائلته على قيد الحياة، لقد تم تنظيم هذا المخيم على عجل في ما كان سابقاً المكتب الإقليمي لوزارة الحج والشؤون الدينية.
ولم تصل أي مساعدة دولية إلى أي من مخيمات اللاجئين في المدينة حتى الآن، ويقوم المتطوعون بدعم من عضو في البرلمان المحلي، بتقشير البطاطس المغطاة بالذبابة التي يطبخونها ويوزعونها في وقت لاحق من اليوم.
الأرض عبارة عن فوضى غير منظمة من الخيام محلية الصنع، وهو مبنى فارغ تفوح منه روائح كريهة جدا، ويقول شاه في مناشدة للمجتمع الدولي والمؤسسات الانسانية: “إذا كانوا يريدون مساعدتنا، فعليهم التوقف عن القتال في بلادنا وفي منطقتنا حتى نتمكن من العودة إلى منازلنا”.
وبالعودة إلى ساربوزا، حاول عطا محمد البالغ من العمر 63 عاماً، وهو أب لـ 12 طفلاً، وقد اختار البقاء في منزله لأنه ليس لديه أي خيار آخر وهو محاصر مع أطفاله من قبل قوات طالبان، واختار عطا محمد البقاء مع اقتراب الإرهابيين من المكان الموجود فيه، وقد دمرت متاجر عطا محمد بعد وقت قصير من بدء القتال الشهر الماضي، ومثل الكثيرين في الحي الذين رفضوا المغادرة، فإنه يخشى أن يصبح هو أو أحد أبنائه ضحية للقتال، مثل العديد من مئات المدنيين الذين قُتلوا أو أصيبوا بالفعل وفقاً للأمم المتحدة.
منذ أسبوع واحد أو نحو ذلك، أصابت نيران طائشة في ساربوزا طفلاً يبلغ من العمر 10 أعوام في رأسه، كان الطفل يلعب في فناء منزله عندما أصابت الرصاصة الطائشة صدغه، وهو الآن في العناية المركزة بمستشفى مرويس الإقليمي القريب، وهو أعمى ويصرخ من الألم، لقد كان مجرد واحد من بين طوفان من الناس، صغاراً وكباراً دخلوا أبواب هذا المشفى في الأسابيع الأخيرة بسبب النيران العشوائية.
بقلم: توماس جيبونز نيف
