في «احتراق».. يلوذُ الشّاعر في قلبِ الوطن

الملحق الثقافي – عبير منون:

احتفاءٌ واضح، ودرغلاتٌ شعريّة تطرب القارئ، وهو يلتمس رذاذ المطر الذي يبلِّلُ الشاعر «خالد بدور» في ديوانه الشعريّ «احتراق»، الذي هو وكما كتب «بدور» في المقدمة: «أطيافٌ متنوعة من الشّعر الوجدانيّ، والوطنيّ والاجتماعيّ والأخلاقيّ».
استهل الشاعر ديوانه بقصيدة «شام المجد» وقد أبحرتُ في أمواجها، لألتمس العشق الوطنيّ لهذه المدينة العريقة الخالدة، باعتبارها ملكة المدن، وعنوان الأمان والعزّ والفخر، بل وكما وصفها الشاعر، جنّة الشرقِ بأهلها وتراثها، ومن ينوي لها السوء، فمصيره الهلاك لامحالة:
/أنتِ المليكةُ يا شام بعـزِّها/ فيكِ الأمانُ مسـوّرٌ ومتمّم/ من رامَ سوءاً بالشآمِ وأهلها/ يلقى هلاكاً والمصيرُ محتّمُ/.
تقرأ هذه القصيدة، لتنتقل فجأة إلى قصيدة نثريّة غزليّة، صاغتها أنامل الشّاعر لحبيبته، ذات القدِّ المياس، والمتوّجة بلا جدال.. يزيد من شرح مواصفاتها الرقيقة، وطيب عطرها وعذوبة صوتها، لتكون هي كلّ الحكاية وكلّ الشعر، فهو يرحل في فضاءات جمالها، كما ترحل الطيور من بلادها إلى حيث الدفء.
هكذا، نثر قصائده الغزلية، بين القصائد الوطنية، فبدتْ وكأنها استراحة لقلبِ الشاعر العاشق.
إن هاجس العبور إلى الوطن، كان واضحاً في محطاتِ ترحاله، التي ابتدأها من مدينته الأم السلمية، التي أنجبت الأدباء والمفكرين الذين لايزالون يقبعون في رئة التاريخ، فكان الشاعر» بدور» منهم، فقد درس في مدارسها، ونهل من علمها، إلى أن تمكّن من السير على خطى أجداده من مبدعيها.
لم ينسَ شاعرنا أي قرية من القرى السورية التي زارها، كقرية المبعوجة ووادي العيون والأشرفية، وغيرها من مناطق كثيرة سكنت صخورها وأشجارها في ذاكرته، فتغنّت بها مفردات المكان:
/أردتُ اليومَ أهربُ من ظنوني/ لألقى الأهل في وادي العيون/ أباةٌ أهلهُ والطيب فيضٌ/ ينقّي الروحَ من حالِ الشجون/ فألف تحيّةٍ مني إليكم/ مع نغمِ الكنارِ على الغصون/.
أيضاً، ومن ضمن قصائده، قصيدة «البخيل» التي ينصح فيها الإنسان، بأن يفكر قبل أن تطأ قدميه دار بخيلٍ لا يدخله كريم، وأن يرفض نصيحة حفظ المال وادِّخاره، لأن الجود والكرم من طبعِ الخيِّرين، والكريم بطبعه متسامحٌ يحيا الحياة بفرحٍ، أما البخيل فليس له صاحب، وقد وعده الله بناره لأن جهنم أفضل منزل له..
/إن الكريم بطبعهٍ متسامحٌ/ يحيا الحياةَ بفرحةٍ وتدلّل/ والله قد وعدَ البخيل بنارهِ/ فجهنم للبخيل أفضل منزلِ/.
ويبدو لنا في أمكنةٍ أخرى، أن هاجس العشق الذي يقترن بالذكرى مع البيئة، يشكلان مثلثاً نفسيّاً يتّضح فيه الجانب الأخلاقيّ والوجدانيّ والفكريّ، فتنبّهنا الكلمة إلى صراعِ وسلوكيّة الشاعر المسكون بالعاطفة، ويتضح هذا في عدّة قصائد ضمتها دفتي الديوان، كقصيدة تراتيل، ذكرى، طمأنينة، ربة الحسن، ثم يعود ليتغنى بالشام، في قصيدة «الشام أيقونة الزمان».
لقد اتّضحت شخصية الشاعر، من خلال كلماته الشعرية التي عبّرت عن سلوكه، وقد عرفته شخصياً خلال أمسياته الشعرية، ولاحظت الفارق ما بين الشعر الذي يلقيه بإحساسه على المنبر، والشعر الذي يكتبهُ على الورق.
من هنا، وإذا ما توسعنا في دراسة باقي القصائد الشعريّة النثريّة، فسنجد أننا أصبحنا في دائرةٍ مغلقة، عناصرها المحيطة هي عناوين القصائد التي شملت أغلب نتاجات الحياة، الفكرية والأخلاقية والغزلية والاجتماعية، وسنلحظ أن محطات الغزل غلبت على المحطات الأخرى، وكأنما أراد أن يظهر عشقه الواضح والصريح، ولكن بخجلٍ..

 

التاريخ: الثلاثاء 24- 8- 2020

رقم العدد: 1060

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار