ما بعدَ التصحّر.. إلا «الانهيار»

الملحق الثقافي – ميثاء محمود:

في كتاب «الانهيار» يبيّن عالم الأحياء الأميركي «جارد دايموند»، كيف تمّ استغلال البشر ضدّ البيئة، كاشفاً حقيقة الانهيارات الكبيرة في العالم، وهو ما يعتبره شكلاً أساسيّاً من الكارثة البيئية التي تحيط بنا اليوم، والتي نتجاهلها رغم تعرضنا للخطر..
يُبين أيضاً، أن المجتمعات التي تعرّضت لهذا الخطر، تستطيع التخطيط على المدى البعيد، والتخلي عن قيمٍ ومعتقداتٍ جوهرية، مغروسة عميقاً فيها، لكنها تؤدي إلى تدميرها في نهاية المطاف، وأن نجاح أو فشل هذه المجتمعات، يرتبط بتأقلمها مع هذه المخاطر التي كانت سبباً في انهيار العالم..
يقدم بعض الأسباب والأحداث التاريخية التي أدّت إلى هذا الانهيار، وبالأخصّ تلك المتعلقة بالبيئة، آثار التغيير المناخي، مشاكل إدارة المياه، الجيران العدائيون، الاكتظاظ السكاني، شركاء التجارة، واستجابة المجتمع لكلّ هذه الأسباب..
كلّ ما أورده هذا الكاتب، ولاسيما اختفاء غابات عديدة في العالم، والتصحّر الذي بات يسيطر على أغلبية المناطق التي فقدت طبيعتها وحيويتها، قد بات واقعاً نرى حرائقه التي التهمت الغابات والأشجار والأراضي الشاسعة، في العالم عموماً، والوطن العربي خصوصاً، وإلى الدرجة التي جعلتنا نشعر، بأن هذا التصحّر لم يعد بيئيّاً فقط، بل اجتماعي واقتصاديّ وأخلاقي وإنسانيّ.
ما نعيشه اليوم يؤكد ذلك، فهو أكثر من كارثيّ، فها هي الحرائق تفسد البيئة، وتؤدي إلى تغيير مناخي، وهاهم الجيران العدائيون، وشركاء التجارة، يخذلون الحياة ويشاركون في إحراق كلّ ما يجعلنا عاجزين عن التنفس من رئتها.. هاهم أيضاً الإرهابيون، يقطعون حتى نسل الشجر والثمر، وها هي المجتمعات ترضخ لكلِّ ما يؤكّد تأقلمها مع هذا الانهيار، الذي استُخدم الإنسان لجعله حقيقة لا نبوءة…
وكأن الحروب والإبادات الجماعية، والاقتتال والصراعات الطائفية والمذهبية، لم تعد تكفينا.. وكأن الأحقاد والشرور والأمراض والأوبئة التي تتطوّر وتطوّر أسلحتها الفتاكة، إعلامياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً وأخلاقياً، لا تريد التوقف عن إحراقِ عقولنا وأرواحنا، إلا بتحقيق الانهيار المدمّر. ذاك الذي لا يؤدي وعلى رأي «دايموند» إلى انحدار كبيرٍ في حجم السكان فقط، بل وفي كلّ مجالات الحياة، التي باتت مأهولة بغبار الانهيار.

 

التاريخ: الثلاثاء 24- 8- 2020

رقم العدد: 1060

آخر الأخبار
اللحوم حلم على موائد المواطنين .. سعر جنوني يثقل فاتورة الشراء تحذيرات  من "الجفاف المتضافر"  على الموسم الزراعي مرحلة جديدة.. سوريا والعراق يوقعان على "إطار أمني" استعداداً لمرحلة ما بعد الأسد المخلوع ما الذي يعنيه فتح السفارة السورية في واشنطن؟ سوريا تتحول إلى "ممر اقتصادي".. مشاريع الطاقة والنقل تعيد تعريف دورها الجيواستراتيجي الكتاب الورقي.. عودة الروح إلى الصفحات شركة الصرف الصحّيّ بحمص تطالب بتعديل التشريعات واستبدال آلياتها المتهالكة ترامب طلب تمديد اللقاء مع الشرع في "البيت الأبيض" الوزير الشيباني: بحثنا في واشنطن الملف السوري بجميع جوانبه وإعادة الإعمار ضمن سياق جديد سوريا تدخل "التحالف الدولي" باتفاق سياسي.. كيف سيكون شكل العلاقة؟ نحاسيات سوق مدحت باشا.. تفاصيل صغيرة تخبىء فلسفة الحياة ترامب بعد لقائه الرئيس الشرع: سأبذل كل ما في وسعي لإنجاح سوريا مازوت التدفئة للمدارس الجبلية بطرطوس ينتظر التمويل العمل عبر الإنترنت.. هل بات حلاً بديلاً للهجرة الاقتصادية؟ الرياح.. قوّة الطبيعة لإعادة التوازن لشبكات الكهرباء ترامب يتعهد بدعم القيادة السورية بعد لقائه الرئيس الشرع في "البيت الأبيض" المنشآت السياحية بحلب تنضم لحملة "حلب ست الكل" "سويفت".. يعزّز ثقة المستثمرين بقدرة النظام المصرفي من الورق إلى الشاشة.. هل التعليم الإلكتروني خيار أم ضرورة؟ الهندسة تبدع وشباب سوريا يصنعون المستقبل